دين ودنيا

الدكروري يكتب عن القلب الأبيض والأسود

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من حقوق الناس هو الدماء لقول النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ” أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء ” ولا يتعارض هذا الحديث مع حديث سؤال العبد عن الصلاة لأن السؤال عن الصلاة هو أول ما يُسأل عنه العبد في حق الله تعالى، أما السؤال عن الدماء فهو أول ما يُسأل عنه العبد في حق الناس، وهناك فرق آخر يظهر في كون الصلاة من المأمورات، أما الدماء فهي من المنهيات، وفي ذلك تعظيم لحرمة الدماء في الإسلام وإشارة إلى عظم جناية وجُرم من يتعدى عليها فالابتداء بالدماء يقصد منه لفت الأنظار إلى أهميتها فهي من أعظم المفاسد، ومن أعظم الذنوب وقد ورد في هذا الشأن الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، وقد جعل الله تعالى قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعا.
وإن القلب الأبيض هو الذي مثل الصفا وهو الحجر الأملس، أى قلب أبيض ناعم الملمس قوى لا يعلق فيه شيء من الأوساخ، ولا يتأثر بها، ومن أنواعه هو القلب السليم، وهو القلب الذي ينفع صاحبه يوم القيامة، يوم يعرض الناس على خالقهم، وهو سليم من أمراض القلوب المعروفة، كالحسد والحقد والبغض والكبر والنفاق والشرك، فهو متعلق بالله وحده، وهو قلب المؤمنين الموحدين والشاكرين من البشر، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الشعراء ” يوم لا ينفع مالا ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم” وهناك القلب المطمئن، وهو القلب الذي يداوم على ذكر الله تعالى حتى يصل إلى حالة الاطمئنان، فتجده إذا عثر قال بسم الله، وإذا عطس قال الحمد لله، وإذا رأى ما يسره قال سبحان الله، وإذا رأى ما يزعجه قال لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا خسر شيئا يحبه قال إنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا رأى ظلما قال الله أكبر، وإذا رأى حرمات الله تنتهك قال لا إله إلا الله، وهنا يقول الله تعالى كما جاء فى سورة الرعد ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وأيضا فهناك القلب المنيب، كما قال تعالى فى سورة ق ” هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب” والعرب تقول للمُنيب في ثلاثة مواضع، المتقدم، ويعني هنا أنه قلب مُقدم على الله تعالى بالطاعة والعمل الصالح بشكل متواصل، والقلب الراجع، وهو الذي يرجع إلى الله تعالى بشكل مستمر وفي كل شؤونه، مرة بعد مرة، والقلب المطر الجود، والحَسن من الربيع، فكأن القلب المنيب كالربيع المزهر الجميل الذي ينزل فيه الغيث من السماء فتزهر الأرض بالأزهار الملونة المتنوعة.
والأعشاب التي تصلح أن تكون دواء للعليل، والقلب الرقيق، وإن رقة القلب واحدة من أسباب أن يكون صاحبه من أهل الجنة، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “وأهل الجنة ثلاثة، ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال” أما القلب الأسود المرباد المُجخي كالكوز، فمن أنواعه القلب المريض، والقلب المريض هو قلب المنافق، الذي يظهر حب الإيمان، وانتماءه له، وفى حقيقته هو مع أعداء الإيمان، فإن هؤلاء هم المنافقون الذين يقول فيهم الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” فى قلوبهم مرض فزادهم الله مضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock