أخبار مصر

الدكروري يكتب عن العبرة في قصة الرجل الأنصاري

الدكروري يكتب عن العبرة في قصة الرجل الأنصاري

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : السبت الموافق 4 مايو 2024

الحمد لله برحمته اهتدى المُهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد، إن في قصة الرجل الأنصاري الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ثلاث مرات عبرة لكل من يريد أن يطهر قلبه ويجعله منبعا للحب في الله، فيدفعه ذلك للعفو والصفح، ولا يتبوأ هذه المنزلة وينال هذه البشرى إلا من جعل إفشاء السلام هي اللغة التي يتواصل بها مع الناس فيحسن الظن بهم ويستر عيوبهم ويتغاضى عن زلاتهم ويمسك لسانه عنهم، وفي الآية الكريمة كما جاء فى سورة إبراهيم.

” ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون” ويوم أن ألهم الله تعالى الخليل عليه السلام، أن يدعو بهذه الدعوات المباركة لم تكن مكة آهلة بالسكان بل كانت واديا مهجورا، فأراد الله تعالى بحكمته أن تعمر ويُعمر فيها بيته، وأن تصير منبع الحضارات، ومهوى أفئدة الناس، وذلك لا يكون إلا بحلول الأمن فيها، وتدفق الرزق والخيرات عليها، فالبشر يستوطنون ويعمرون حيث يوجد الأمن والأرزاق، فاستجاب الله تعالى دعوة الخليل عليه السلام وجعل البيت مثابة للناس وأمنا، يثوب الناس إليه من كل مكان آمنين، بما قدره سبحانه فيه من أسباب الأمن والرزق، وبما توارثه سكانه من تعظيم للبيت عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحتى بعد شركهم وانحرافهم عن الحنيفية.

بقي فيهم تعظيم البيت على مر العصور، وتتابع الأجيال، من عهد الخليل إبراهيم عليه السلام، إلى بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا دخلوا البيت وضعوا السلاح، وكفوا عن الثأر، حتى إن الرجل ليرى قاتل أبيه فلا يمسّه بسوء تعظيما للبيت الحرام، فإن ما نعمت به مكة من أمن وأرزاق منذ دعوة إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا ما كان إلا بقدر من الله تعالى واختيارا لهذه البقعة المباركة، التي ما كانت صالحة للعيش قبل ذلك، ثم جاءت شرائع الأنبياء عليهم السلام لتؤكد على أمنها، وتحث الناس على قصدها لعبادة الله تعالى فيها، فحصل الأمن والعمران، وتدفقت عليها الخيرات في وقت كان من حولهم لا يأمنون ولا يشبعون، حيث قال الله عز وجل فى سورة العنكبوت” أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون”

ولما رفض المشركون دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من تعليلاتهم في رفضها أنهم إن تركوا إرث الآباء والأجداد، اجتمعت العرب على حربهم ففقدوا الأمن والرزق، فقال تعالى فى سورة القصص ” وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا” فكان جواب الله تعالى عليهم ” أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون” وقال ابن زيد “كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها بعضا، فأمنت قريش من ذلك لمكانة الحرم، وقرأ قول الحق سبحانه وتعالى ” أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل ثمرات كل شئ” وقال ابن جزي “وكان غيرهم من الناس تؤخذ أموالهم وأنفسهم” ولما فتحت مكة، ودانت بالإسلام أمنت وأمن أهلها بما شرع الله تعالى من الشرائع والحدود، والواجبات والحرمات.

فكانت بلدا آمنا مطمئنا، تجبى إليها الأرزاق من كل مكان، ما دام أهلها قائمين بأمر الله سبحانه مستمسكين بشريعته، وكانت هذه الشريعة المباركة التي أنزلت في البلد الأمين محققة لما يحتاجه البشر من الأمن والرزق في الدنيا والآخرة ولذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عامة إلى الناس كلهم، منذ إرساله إلى قيام الساعة ليعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا، فإن هم حققوا هذه العبودية حقق الله تعالى لهم الأمن والرزق في الدنيا والآخرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock