دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الفساد فى الأرض

الدكروري يكتب عن الفساد فى الأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ينبغي علينا جميعا أيها المسلمون أن نعرف لنبينا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم قدره، ولنعظم في أنفسنا شأنه، فالخير كل الخير في اتباعه، واقتدائه، وتوقيره، صلي الله عليه وسلم، وإن من الدروس المستفادة من الرحلة السماوية المباركة في رحلة الإسراء والمعراج هو تأكيد العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، فالمسجد الحرام هو أول بيت وُضع في الأرض لعبادة الله تعالى، وثانيها هو المسجد الأقصى المبارك كما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام البخاري رحمه الله، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال صلي الله عليه وسلم ” المسجد الحرام” قلتـ ثم أي؟ قال صلي الله عليه وسلم ” ثم المسجد الأقصي”

قلت كم كان بينهما؟ قال ” أربعون” ثم قال ” حينما أدركتك الصلاة فصلي، والأرض لك مسجد” فقرن صلي الله عليه وسلم بين المسجدين ليثبت القدسية لكليهما وليعرف المسلم قيمة المسجد الأقصى، وأنه لا يقل مكانة عن المسجد الحرام، وأن التفريط في أحدهما أو التهاون في حقه يُعد تهاونا وتفريطا في حق الآخر، وإن ظاهرة الفساد فى الأرض أصبحت ظاهرة خطيرة تصيب جميع مجتمعات العالم، النامية والمتطورة والمتقدمة منها على حد سواء، وإن كان بدرجات متفاوتة، ومن المؤسف أن معدلات الفساد آخذة في الازدياد، فضلا عن تنوع المجالات التي يلحقها، وإن الفساد هو ضد الإصلاح، حيث قال الليث أن الفساد نقيض الإصلاح، وقال الراغب أن الفساد خروج الشيء عن الاعتدال.

سواء أكان الخروج عليه قليلا أم كثيرا، وكل اعتداء على الدين، أو العقل، أو المال، أو العرض، أو النفس فهو إفساد، وأما الإفساد في الاصطلاح، فقد ذكر أهل العلم أنه إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح، والفساد ظاهرة عامه، وهو نوع من العلاقة يتم فيها انتهاك القيم والمثل والمعايير والقوانين، وللفساد درجات مختلفة، منه البسيط ومنه الواسع المعقد، والفساد قد ينال كل مظاهر الحياة وكل جوانبها من دون استثناء، وقد يمارس الناس الفساد دون أن يعترفوا بذلك، بل قد يدعون أنهم مصلحون كما في قوله تعالى فى سورة البقرة ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ” وإن الله عز وجل، قد أمر بالإصلاح، وأرسل أنبياءه ورسله الكرام بذلك فقال قائلهم كما جاء فى سورة هود.

فى قول الحق سبحانه وتعالى” إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت” وقد نهى المولى سبحانه وتعالى عن الفساد والإفساد في الأرض، وقال تعالى فى سورة الشعراء “ولا تعثوا فى الأرض مفسدين ” وأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يحب الفساد، ولا يمكن أن يجتمع الصلاح والفساد معا إلا أن يتدافعا ليظهر الصلاح من الفساد، فقال عز وجل فى سورة ص ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ” فسبيل المصلحين معروف، وسبيل المفسدين معروف، والإصلاح ضد الفساد، والفطر والعقول السليمة تميز ذلك، ولا يمكن أن يلبس على الناس في الإصلاح والإفساد أحد، ولا يروج ذلك إلا على الأغبياء، ولا عجب أن كان الإفساد في الأرض بعد إصلاحها أعظم الإفساد وأقبحه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock