مقالات

هنا مشرحة زينهم قصص من حياة الجثث

متابعة / رانا الجوهرى
الشرقيه

هنا مشرحة زينهم هنا آخر محطة بعد الموت محطة تحددها جهة رسمية هى النيابة وربما تحددها ظروف وأسرار وكواليس قبل وأثناء الوفاة.
هنا يخضع الموتى صامتين لـ مشارط وأدوات التشريح وتؤخذ عينات هذا مات بضربة قاتلة فى الرقبة وهذا قتلته رصاصة عيار 9 مللى.

هذه ماتت بـ السم وهذا قتله البرد هنا نعوش ودموع وأحزان وصرخات ألم النهاية وهنا رصدت شبكة أخبار مصر

مشرحة زينهم وعدة مشاهد

المشهد الأول 8 صباحاً يفتح الموظف شباك المكتب المخصص للتعامل مع أسر المتوفين.
تبدو الأمور طبيعية للغاية لا شىء يثير الانتباه

المقهى المجاور للمشرحة الذى يملكه شابان يفتح أبوابه و يشغل القرآن

يبدو الوضع للغريب عن المنطقة مثل شادر عزاء كبير.

يبدأ الشابان تجهيز المقهى.

أحدهما يرش الماء والآخر يشعل النار فى موقد الفحم ويجلسان على باب المقهى فى انتظار الفرج وفى الناحية الأخرى تخرج نحمده سيدة فى العقد الخامس تضع فاترينة حلويات وبسكويت ومناديل أمام باب المشرحة.

المشهد الثانى 8٫30 صباحاً داخل المشرحة.

يجلس الموظف المختص بالتعامل مع أسر المتوفين منهمكاً فى إنهاء إجراءات تسليم جثة وإلى جواره شخص مرتدياً زياً أخضر تعلوه مريلة من جلد أسود وحذاء بلاستيك وقفازات شفافة
تشبه هيئة جزار فى سلخانة لكنه هنا فنى تشريح جثث ينتظر تسلم قرارات النيابة الخاصة بكل جثة لتشريحها.

المشهد الثالث 9 صباحاً ينزل الدكتور المتحدث الرسمى باسم مصلحة الطب الشرعى ومدير عام دار التشريح فى زينهم من مكتبه فى الطابق الثانى إلى الأرضى.

حيث صالة التشريح والتغسيل وثلاجات حفظ الموتى.

يتفقد الجثث التى سيتم تشريحها والأجواء فى الخارج وملابسات كل جثة لتقييم الأمور من حيث أحداث العنف التى قد تشهدها المشرحة فى حالة وجود جثة من الأحداث وإذا غالباً ما يعتدى أهالى المتوفين على الأطباء الشرعيين والعاملين فى المشرحة اعتقاداً منهم أن الطب الشرعى تابع للحكومة ولن ينصفهم.

المشهد الرابع – 9٫15 صباحاً يتسلم قرارات التشريح ويذهب إلى الثلاجات ويخرج الجثث ليضعها على تروللى ويذهب بها إلى صالة التشريح.
يمدد الجثة داخل حوض استانلس على شكل حرف L لحظات وينزل الطبيب الشرعى من مكتبه فى الطابق الثانى. يطلب منه البدء فى عملية التشريح ثم نشر طاقية الرأس لفحص المخ ثم شق الجثة من أسفل الذقن إلى نهاية البطن وإخراج الأحشاء فى حوض رخام ثم معاينة الجثة من الداخل والفتح وراء الإصابة للتأكد مما إذا كانت اخترقت الجسد وتسببت فى فتحة خروج أم لا.
يأخذ عينات من القلب والكبد والرئتين والأحشاء ويضعها فى برطمانات بلاستيك تمهيداً لإرسالها إلى معمل الطب الشرعى لفحصها وتحليلها وبيان ما إذا كان المتوفى تناول شيئاً أودى بحياته أم أن الإصابة الظاهرية هى سبب الوفاة.
بعد ذلك يتم نقل الأحشاء إلى الجثة مرة أخرى وخياطتها
ثم توضع على التروللى وتنقل إلى المغسلة لإجراء عملية الغسل والتكفين.

المشهد الخامس 10.30 صباحاً المغسلة.. يقف المسئول عن الغسل ومعه عماله بين عدد من ترابيزات رخام.
يضع الجثة على إحداها لتنظيفها من الدماء بعد تشريحها ثم يأتى العمال بالتروللى ويفرشونه بالكفن ثم يضعون عليه مشمع بلاستيك ويضعون الجثة فى منتصف الكفن ويرشونها بالفورمالين والعطر تمهيداً لتسليمها لأسرة صاحبها.SecondImage

المشهد السادس 11 صباحاً تشق صرخة سيدة أربعينية صمت المشرحة.
يتواصل صراخها على والدها الذى دخل المشرحة مقتولاً على يد نجل شقيقه لخلاف على 2500 جنيه كان المجنى عليه أقرضها للمتهم بإيصال أمانة وبعد فشل المتهم فى سداد المبلغ هدده المجنى عليه بمقاضاته فضربه على رأسه بقطعة حديد ثم ذبحه.

المشهد السابع 11٫15 صباحاً أمام باب المشرحة.

حضر شقيق المتوفى وأخبروه بأنه داخل صالة التشريح فى انتظار قرار النيابة العامة فذهب إلى هناك لإحضار قرار التشريح وتصريح الدفن بينما جلس أقاربه على المقهى فى انتظار القرار وجلست النساء على الأرض يواسى بعضهن بعضاً.

المشهد الثامن 11٫30 صباحاً الطابق الثانى فى مصلحة الطب الشرعى.

حجرة الأطباء. يقف مندوبو النيابات المختلفة فى انتظار تسليم أحراز القضايا من أسلحة نارية وملابس ملطخة بالدماء وغيرها.

فجأه تخرج الطبيبة الشرعية وتطلب من أحد المندوبين الدخول واستلام الأحراز لفحصها وكتابة التقرير الخاص بها وإرساله إلى النيابة العامة.

المشهد التاسع – 12 ظهراً يتفقد أحد الدكاترة عملية التشريح وسير العمل داخل المشرحة بالنزول مرة أخرى إلى صالة التشريح والوقوف أمام الشباك المخصص للجمهور.

يسأل الأهل عن موعد دخول جثة ذويهم ومنذ متى يوجدون داخل المشرحة للبحث عن سبب تأخر خروج جثة ذويهم ومعرفة سبب التأخير

هل عمال المشرحة أم أن هناك سبباً خارجاً عن إرادتهم مثل تأخر مندوب النيابة فى إحضار قرار التشريح وتصريح الدفن!.

المشهد العاشر – 12 ظهراً تستقبل مشرحة زينهم إخطاراً من نيابة البساتين بانتداب أحد الأطباء للذهاب إلى مقابر الغفير لاستخراج جثة.

انتقل الطبيب الشرعى وبصحبته الفنى إلى المقابر وتبين أن الجثة المراد استخراجها لعجوز فى العقد السابع من العمر توفى منذ 6 أشهر وأبلغ شقيقه النيابة العامة بأنه على قيد الحياة والجثة التى تم دفنها لشخص آخر وذلك لرغبتهم فى تقسيم أملاك والدهم.

يتم استخراج الجثة وفى الخامسة مساء حضرت سيارة إسعاف ونزل منها الطبيب والفنى والمسعف والسائق ونقل الجميع الجثة إلى ثلاجة المشرحة وأخذ الطبيب عينات من العظام لإرسالها إلى معمل الطب الشرعى لتحديد الـ دى. إن. إيه وأخذ عينة من أبناء المتوفى لمعرفة هل هى جثة والدهم أم جثة شخص مجهول
وفعلوا ذلك لوضع يدهم على أملاك والدهم حسبما جاء فى بلاغ شقيق المتوفى.

المشهد الحادى عشر – 1 ظهراً سيارة إسعاف تدخل المشرحة.

يخرج السائق لتسليم أوراق جثة خاصة بشاب فى العقد الثالث رأسه مهشم تماماً وبكامل ملابسه. وكان قد تم العثور على جثته فى المقطم ولم يتم العثور على أية أوراق تثبت هويته فحفظت الجثة فى ثلاجة العرض الخاصة بالجثث المجهولة انتظاراً لقرار النيابة العامة بالتشريح لمعرفة سبب الوفاة.

المشهد الثانى عشر – 2 ظهراً شباك المشرحة يعلن عن انتهاء تشريح جثة من المطرية الذى قتل على يد بلطجى فى مشاجرة على أولوية الوقوف فى السوق.
حضرت أسرته إلى الشباك بالكفن واستلم أحدهم التقرير المبدئى للطب الشرعى وذهب إلى مكتب صحة زينهم لاستخراج شهادة الوفاة وتصريح الدفن.
يدخل اثنان بالكفن إلى المغسلة وبعد ربع ساعة خرج أحدهما مهرولاً يبحث عن مكان لشراء المسك.

بعد ربع ساعة خرجت أول جثة من المشرحة فى طريقها إلى المقابر.

اكتظت منطقة زينهم بالعشرات وارتفع الصراخ والعويل وبدا شباك المشرحة مثل فرن عيش بلدى حتى إن الموظف طلب من الأهالى الوقوف فى طابور.

المشهد الثالث عشر – 3 ظهراً يخرج أشهر مغسل فى المشرحة من باب المغسلة لينادى على أسرة متوفى ويطلب منهم الدخول لرؤيته أثناء تغسيله.

بعد نصف ساعة خرج الجميع وخرج المتوفى على خشبة وتم وضعه فى سيارة تحت الطلب

المشهد الرابع عشر – 3٫30 عصراً صاحب المقهى يحاسب الزبائن قبل نزول الطلبات.
الناس بعد الثورة بقت بلطجية وكل واحد تكلمه أو تطلب منه الحساب يقولك مش دافع واللى معاك اعمله. إحنا مش بتوع مشاكل وفيه ناس بيشربوا وبعدين تيجى الجثة بتاعتهم فيجروا على العربية وربنا يعوض علينا فلقيت أن أفضل حاجة يدفعوا الحساب قبل نزول الطلبات.
الجثث كترت بعد الثورة وبتورد علينا ناس كثيرة.
بس قبل الثورة الوضع والرزق كان أفضل عشان الناس كانت محترمة

المشهد الخامس عشر – 3٫30 عصراً خروج آخر جثتين إحداهما لطفلة من الجيزة توفيت نتيجة حريق شب فى الشقة أثناء نومها
وأسفر عن حروق من الدرجة الأولى وتوفيت على الفور والثانية لسيدة توفيت فى مستشفى خاص بالقاهرة بعد إجراء جراحة بسبب خطأ طبى وبذلك تكون المشرحة قد أخرجت 4 جثث.

المشهد السادس عشر – 4٫30 عصراً ينصرف الموظفون والأطباء الشرعيون وتخلو المشرحة تماماً.

المشهد السابع عشر – 4٫45 مساءً ينشط عمال المغسلة لتنظيف أرضية المشرحة من الدماء ونقل ملابس المتوفين. يغلق المقهى أبوابه ويسود الصمت ويرخى الظلام أستاره على المنطقة لتصير أكثر رعباً.

تنتشر الكلاب الضالة فى محيط المشرحة وكأنها تخفف من وحدة الحراس.

المشهد الثامن عشر – 5 مساءً يغلق باب المشرحة ويقبى الحرس داخلها فى انتظار جثث جديدة.

ينزل الدكتور مدير عام دار تشريح زينهم إلى الطابق الأرضى لتفقد الجثث التى فى الثلاجات والتأكد من تنظيف المشرحة تجنباً للكلاب الضالة والحشرات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock