دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الذي خلق الموت والحياة

الدكروري يكتب عن الذي خلق الموت والحياة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من بين السلبيات التي تجعل حضارة المجتمع في تراجع هي الخيانة في العمل وعدم الوفاء بأمانة العمل، إما عن طريق أن يُوسّد العمل إلى غير أهله، وإما بإهدار المال العام، وكلاهما أبشع أنواع الخطر على تقدم المجتمع وحضارته، أما توسيد العمل إلى غير أهله فيترتب عليه خلخلة المؤسسة أو الإدارة، وعدم استقرارها وثباتها، وفي التأكيد على المحافظة على الاستقرار كان توجيه الإسلام واضحا في بيان أن الأمر إذا وُسّد إلى غير أهله فلننتظر الساعة كناية عن انتهاء الحياة والاستقرار وعندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الساعة، وقال له رجل متى الساعة؟ قال “إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة” فقال وكيف إضاعتها؟ قال “إذا وسدّ الأمر لغير أهله فأنتظر الساعة” رواه البخاري.

فإن الساعة قادمة وآتية لا محالة، وقال الإمام القرطبي رحمه الله، قال الإمام السدي في قوله تعالى كما جاء في سورة الملك ” الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا” أي أكثركم للموت ذكرا، وله أحسن استعدادا، ومنه أشد خوفا وحذرا، والإمام علي بن الحسين بن مبارك رحمه الله ما كان لسانه يفتر عن ذكر الموت، ومن كان يستشعر الموت في كل وقت رغب في الآخرة، فقد قال الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إنك إن استشعرت الموت في ليلك ونهارك، بُغض إليك كل فاني، وحُبب إليك كل باقي، وكما أن من أسباب حسن الخاتمه هو ترك كل عمل يُكره من أجله الموت، فقال الإمام سلمة بن دينار رحمه الله كل عمل تكره من أجله الموت، فاتركه ثم لا يضرك متى تموت، وأيضا كثرة الأعمال الصالحة.

وخصوصا مع تقدم العمر وظهور الشيب، فقال الحافظ ابن رجب رحمه الله من نزل به الشيب، فهو بمنزلة الحامل التي تمت شهور حملها، فما تنتظر إلا الولادة، كذلك صاحب الشيب لا ينتظر إلا الموت، وإن من الأعمال الصالحة التي تكون سببا في حسن الخاتمة هي الصدقة، حيث قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، الصدقة من فوائدها أنها تدفع ميتة السوء، فتكون سببا لحسن الخاتمة، وكذلك أيضا هو سؤال الله عز وجل حُسن الخاتمة، فقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في ترجمة أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن حسن بن مفرج بن بكار النابلسي رحمه الله كان يقول أشتهي أن أموت وأنا ساجد فرزقه الله ذلك، وجاء في ترجمة محمد منصور الراجحي رحمه الله أنه كان كثيرا ما يدعو الله أن يموت تحت حوافر الخيل.

أي في الجهاد، فمات بمكة في الزحام أثناء السعي تحت أقدام الحجاج، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله كان السلف يرون أن من مات عقيب عمل صالح كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة أنه يُرجى له أن يدخل الجنة” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يبعث كل عبد على ما مات عليه” رواه مسلم، فهنيئا لمن مات أثناء قيامه بعمل صالح، وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات بعد أن تشهد، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة” رواه أبو داود، وأيضا من أسباب حسن الخاتمه هو من مات وهو صائم، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “مَن خُتم له بصيام يوم، دخل الجنة” رواه البزار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock