دين ودنيا

وقفة مع الأمان هو سر الحياة الهادئة ” الجزء 3 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الأمان هو سر الحياة الهادئة، وفتح الكتاب وقرأه فكاد أن يقف قلبه “أعد الدار أو احضر” فقال أعيدوا إليه الدار، وابنوا له الجدار، وأعطوه خمسمائة درهم من بيت مال المسلمين جزاء ما روعناه، فعاد المجوسي يضحك إلى امرأته، قال صدقت يا امرأة، قالت أرأيت؟ وهكذا كان عمر رضي الله مثالا لنشر الأمن وإصلاح ذات البين بل كان حريصا على وحدة المجتمع مع اختلاف الديانات والمعتقدات فعلينا أن نتحرر من الفرقة والتشاحن والتباغض والتقاتل والتحزب بالصلح والمصافحة والمصالحة والتنازل والمحبة والأخوة حتى تعود المياه إلى مجاريها، ويجب علينا أن نكون صفا واحدا متلاحما كالبنيان المرصوص.

مع ولاة أمرنا وعلمائنا في استتباب الأمن والقضاء على هذه الظواهر المفزعة والأحداث المفجعة واستئصال شأفتها واعلموا أن وسائل تحقيق الأمن هذه كلها تعود إلى أمرين لا ثالث لهما تعظيم أمر الله في المأمورات والمنهيات وإصلاح ذات البين، وكذلك بالدعاء بالأمن والأمان، فيستحب لجميع أفراد المجتمع الدعاء في جميع الأوقات أن يرزقنا وأولادنا وأهلنا ومجتمعنا وبلادنا الأمن والأمان والاستقرار، فالدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة ولذلك كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه الأمن حين يمسي وحين يصبح، فعلينا أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ونداوم على الدعاء صباحا ومساء ليرزقنا الله الأمن والأمان.

وإن من لوازم الحب الشرعى للأوطان المسلمة أن يحافظ على أمنها واستقرارها، وأن تجنب الأسباب المفضية إلى الفوضى والاضطراب والفساد فالأمن فى الأوطان من أعظم منن الرحيم الرحمن على الإنسان ونعمة الأمن من أجلّ وأعظم نعم الله على الإنسان كالصحة لا يعرفها إلا من فقدها، وهى ككل النعم تتطلب الشكر عليها، لقد امتن الله على أهل حرمه بالأمن، ولقد قام الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالدعاء لأهل مكة، فقدم طلب الأمن على طلب الرزق، لأن الناس لا يحصلون أرزاقهم إلا مع توفر أمنهم، ولا يتنعمون بالطيبات من الرزق مع المخافة والفزع، ومن الكفر بهذه النعمة العظيمة وهى نعمة الأمن فى الأوطان العبث باستقرار الوطن وأمنه.

والمغامرة بمستقبله وتضييع ماضيه، ومن الكفر بنعمة الأمن تأجيج نيران الأحقاد بين أبناء الوطن واستغلال معاناة الجماهير الكادحة المرهقة لتكون وقود معركة فاشلة ظالمة، الخاسر فيها هو الوطن، والجانى فيها تلك الجماعات الفاشلة التى لا تعرف للإسلام طريق، ولا شك أن أكثر ما حصدناه فى وطننا الحبيب خلال السنوات الأربع الماضية هو ضياع نعمة الأمن، فمن منا لم يشعر بالذعر والخوف على نفسه وولده وزوجه وماله وداره؟ ومن منا لم يعد يتمنى أن يدفع بكل ما يملك نظير تحصيل الأمن المفتقد؟ ومن منا لم يحصد الحصاد المُرّ للفوضى التى كادت أن تعصف ببلادنا لولا أن منّ الله علينا بنعمته التى فرّطنا فيها من قبل برغبتنا وأضعناها بأيدينا؟

فإن الأمن نعمة عظمى، ومِنة كبرى، لا يُدرك قيمته ولا يستشعر أهميته إلا من تجرّع غصة الحرمان منه، واصطلى بنار فقده، فوقع في الخوف والقلق، والذعر والاضطراب والفوضى والتشريد والضياع، فكم من غريب فقد موطنه، وكم من شريد غاب عن أهله وعشيرته، وكم من منكوب تائه لا يعرف له مأوى، ولا يشعر بطمأنينة ولا استقرار، وانظروا إلى صور فقد الأمن في العالم اليوم، وما مُنى به كثير من الناس من اجتياح الفتن المدلهمة، والحروب الطاحنة، وإحاطة الخوف والرعب والجوع والسلب والنهب في فوضى عارمة، وجنايات ظالمة، فإن الأمن مطلب في حياة الإنسان إذ هو بطبعه ينشد الأمن وما يبعده عن المخاطر والمخاوف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock