الناس والمجتمع

الدكروري يكتب عن العلاقة بين الجيران

الدكروري يكتب عن العلاقة بين الجيران

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ينبغي للجار أن يمد يد العون والمساعدة لأخيه الجار إذا كان فقيرا لأن مثل هذه المواقف تورث التواد والتراحم بين المسلمين، خاصة الجار مع جاره، كما ينبغي أن يتحمل ويصبر علي أذاه، أما إذا كان رد الأذى بالأذى أصبحت العلاقة بين الجيران حربا لا تريح أحدهما ولا ينتصر فيها جار على الآخر، بل هي مرهقة لكليهما، فإذا كان الأذى في ما هو مادي يلجأ الجيران إلى حكم أو إلى القضاء إذا لم يبق سبيل للتفاهم، وأما إذا كان فيما هو معنوي يلجأ الجيران إلى العتاب والجدال بالتي هي أحسن، وقد علمنا من أخبار الأولين أن فلانا باع بيته لجيرته السيئة وهذا آخر الطب بعد أن تسد كل أبواب التفاهم بين الجيران، وقيل أن في بلاد الشام قديما كان هناك رجل من الصالحين.

له زوجة صعبة الطبع بخيلة سليطة اللسان وكان له منها من الأولاد ثلاثة، وكان يجاهد نفسه فيها بالصبر من اجل أولاده ويدعو الله لها بالهداية، وعند اقترب العيد كان الرجل يعمل بجد من اجل شراء خروف العيد، فأكرمه الله واستطاع أن يُدبر ثمن الخروف قبل العيد بأيام قليلة، فذهب إلي السوق واشتري خروف طيب الحجم كثير الفروة، وفرح به كثيرا وقال في نفسه، هذا الخروف سوف يسعد زوجتي وأولادي، ولكن أثناء رجوعه من السوق، وجد بالطريق رجل عجوز ملقي علي الطريق في أنفاسه الأخيرة، فنظر أمامه، والي الخلف فلم يجد احد فكر الرجل في ماذا يفعل؟ فما كان منه إلا أن حمل الرجل إلي جذع شجره وسأله عن داره؟ فقال له أخر هذا الطريق، فالتفت الرجل حوله فوجد غلام فصرخ عليه فجاء إليه، فطلب منه أن يأخذ الخروف إلي بيته ووصف له البيت.

ثم حمل الرجل العجوز علي كتفه إلي داره، وذهب الغلام إلي منزل الرجل الصالح، ولكنه لم يكن متأكدا من موقع المنزل بالضبط فأخطأ، وأخذ الأضحية إلى جيران الرجل الصالح وأعطاهم إياها قائلا تفضلوا هذه الأضحية لكم، دون أن يذكر من أين أو لمن؟ وقد كان الجيران فقراء لا يملكون المال لشراء الأضحية، فلم يعلم صاحب الدار الفقير ماذا يقول وهو لم يملك شيء للعيد فبكي من شدة الفرحة، وتعلق نظره إلي السماء قائلا رحمك يارب، ظنا منه أنها من احد المحسنين، فرح أولاد الرجل الفقير كثير لدرجه لفتت انتباه زوجة الرجل الصالح سليطة اللسان، فنظرة من شباك المنزل وقد عقدت حواجبها، وهي تتسأل من أين لهم هؤلاء الفقراء بمثل هذا الخروف؟ ومن أين لهم بالمال؟

وقد ملئها الحقد، ثم عاد الرجل الصالح إلى المنزل متعب وقد توقع أن يجد أولاده فرحين بالكبش لكن كل شيء في المنزل كان هادئ، فخرجت عليه زوجته كالصاعقة وهي غاضبه وهي تردد، تصدق أن هؤلاء الجيران يأتي لهم خروف كبير؟ كيف؟ ومن أين وهم يرقصون؟ ووجعوا رؤوسنا وكلام من هذا القبيل، ولسانها لا يتوقف والزوج مشدود ولا يعلم ماذا يقول بعد أن فهم الخطاء الذي وقع، فأخذ الرجل أنفاسه في صعوبة، بعد أن نظرت إليه الزوجة سائلة له أين الأضحية، فقال لها سوف تأتي أنا انتظرها، وصبر قليلا ثم خرج من المنزل كي يذهب إلي جاره الفقير الطيب وقال في نفسه أنه سوف يتفهم هذا الخطأ الذي حدث، فدق الباب، فخرج له جاره فعندما رآه تعلق في عنقه ودموعه تغرق وجه، وهو يشرح له أن الله كريم عوضه خيرا.

وافرح أولاده وزوجته الصابرة فتبسم الجار الصالح وقال إن الله كريم وأنت تستحق كل خير أيام مباركة، وخرج من عنده الرجل لا يعلم أين يذهب، فقد أدركه الخجل كيف يُفسد فرحة أسرة جاره الفقير باسترداده للخروف منهم، وأخيرا قرر تركه لهم ابتغاء الأجر من الله عز وجل دون أن يخبر جاره بالخطأ الذي حدث، وظل يسير بالطريق إلي أن وصل إلي بيت الرجل العجوز فدق الباب كي يطمئن عليه فوجد ولده، فقال له كيف والدك الآن؟ فقال ابن العجوز المريض أنت من أنقذ أبي؟ ثم أدخله، فشكره الرجل العجوز واقسم عليه أن يقبل هديته، التي كان عبارة عن عجل كبير وما عرف الرجل ماذا يقول وحاول أن يرد الرجل العجوز ولكنه أبى، فخرج الرجل الصالح ينظر إلي السماء والدموع تغرق وجه بين الفرح وبين كرم الله عليه، فقد ترك الخروف لوجه الله تعالى فعوضه بعجل كبير، فسبحانك ربي ما أكرمك، فهل جزاء الإحسان غير الإحسان؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock