الدكروري يكتب عن والدة فتي الكهول
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مستشارا لعمر بن الخطاب في خلافته على صغر سنة، وكان يُلقبه بفتى الكهول، وقد شهد ابن عباس فتح إفريقية سنة سبعه وعشرين من الهجره، مع ابن أبي السرح، وغزا طبرستان مع سعيد بن العاص في سنة ثلاثين من الهجره، وقد تولى إمامة الحج سنة خمسه وثلاثين من الهجره، بأمر عثمان بن عفان، وقد شهد مع علي بن أبي طالب، موقعة الجمل ووقعة صفين، وكان أميرا على الميسرة، ثم شهد مع الإمام علي قتال الخوارج في النهروان، وأرسله الإمام علي إلى ستة آلاف من الحرورية فحاورهم ابن عباس، فرجع منهم ألفان، وقد ولاه علي بن أبى طالب، على البصرة، من سنة سته وثلاثين حتى سنة تسعه وثلاثين من الهجره، ثم خلفه عليها أبو الأسود الدؤلي.

ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية امتنع ابن عباس عن مبايعته، وبعد وفاة معاوية كان ابن عباس يرى عدم خروج الحسين إلى الكوفة، ونصحه بعدم الخروج عدة مرات، وبعد وفاة الحسين ثم يزيد، اعتزل ابن عباس الناس مع محمد بن الحنفية، ولم يبايع عبد الله بن الزبير ولا مروان بن الحكم، وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها سنة ثمانيه وستين من الهجره، وكان عمره إحدى وسبعون سنة، وصلى عليه محمد بن الحنفية، وقد طلب ابن عباس العلم والحديث من الصحابة، وقرأ القرآن على زيد بن ثابت وأبي بن كعب، وكان يسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من الصحابة، وقد كان لابن عباس مجلس كبير في المدينة يأتيه الناس لطلب العلم، وكان يقسم مجلسه أياما ودروسا.
فيجعل يوما للفقه، ويوما لتفسير القرآن، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب، وكانت السيده لبابه الكبرى بنت الحارث، ابنها هو الفضل بن العباس الهاشمي، وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وكنيته أبو محمد وأبو عبد الله وأبو العباس، وهو أسن ولد العباس، وكان العباس يكنى به، وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتح مكة سنة ثمانيه من الهجره، وغزا معه حنين، وكان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أهل بيته وأصحابه فيها، وحين ولى الناس منهزمين، وشهد الفضل بن العباس مع الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وأردفه صلى الله عليه وسلم وراءه من جمع المزدلفة، إلى منى، فيقال له رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد غسل النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان الفضل جسيما وسيما، وكان يقال من أراد الجمال والفقه والسخاء، فليأت دار العباس، الجمال للفضل، والفقه لعبد الله، والسخاء لعبيد الله، وله ذكر في كتب الحديث، فقد روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أربعة وعشرين حديثا، وروى عنه أخوه عبد الله، وأبو هريرة وربيعة بن الحارث، وعباس بن عبيد الله بن العباس وغيرهم.
زر الذهاب إلى الأعلى