دين ودنيا

نظرة تأمل مع رحلة التيه والمنّ والسلوى ” الجزء السادس “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع رحلة التيه والمنّ والسلوى، وقد توقفنا مع المن ومن خواصه ان الذي لا يجمع اذا حميت الشمس وهو وقت الظهيره يذوب ويختفي، ثم كان في اليوم السادس انهم التقطوا خبزا مضاعفا عمرين للواحد فجاء كل رؤساء الجماعة واخبروا نبى الله موسى عليه السلام، فقال لهم هذا ما قال الرب غدا عطلة سبت مقدس للرب، اخبزوا ما تخبزون واطبخوا ما تطبخون وكل ما فضل ضعوه عندكم ليحفظ الى الغد، فوضعوه الى الغد كما امر نبى الله موسى عليه السلام، فلم ينتن و لا صار فيه دود، فقال نبى الله موسى عليه السلام، كلوه اليوم لان للرب اليوم سبتا اليوم لا تجدونه في الحقل، ستة ايام تلتقطونه واما اليوم السابع ففيه سبت لا يوجد فيه، ومن خواصه الاعجازيه انه كان يظهر لهم ستة ايام فقط واليوم السادس يظهر ضعف الكمية ولا يظهر يوم السبت فهو من الاحد الي الجمعه، واكل بنو اسرائيل المن اربعين سنة حتى جاءوا الى ارض عامرة اكلوا المن حتى جاءوا الى طرف ارض كنعان، وهذه المعجزه استمرت اربعين سنه واختفت بعد ذلك، وهذا هو الفكر والايمان اليهودي والمسيحي، والادله عليها وهو بالرغم من ندرة الادله علي موضوع المن لانه كما كتب الكتاب المقدس كان يذوب مع حر النهار ولو خزن ينموا فيه الدود ولكن يوجد لوحه حجريه تعبر عن المن الذي يعتبرونه الشعوب المحيطه سحر من اله اسرائيل، ثم ارتحلوا من ايليم واتى كل جماعة بني اسرائيل الى برية سين التي بين ايليم وسيناء في اليوم الخامس عشر من الشهر الثاني بعد خروجهم من ارض مصر.

فتذمر كل جماعة بني اسرائيل على موسى وهارون عليهما السلام في البرية، وقال لهما بنو اسرائيل ليتنا متنا بيد الرب في ارض مصر اذ كنا جالسين عند قدور اللحم ناكل خبزا للشبع، فانكما اخرجتمانا الى هذا القفر لكي تميتا كل هذا الجمهور بالجوع، فقال الرب لموسى عليه السلام ها انا امطر لكم خبزا من السماء، فيخرج الشعب ويلتقطون حاجة اليوم بيومها، لكي امتحنهم ايسلكون في ناموسي ام لا، ويكون في اليوم السادس انهم يهيئون ما يجيئون به فيكون ضعف ما يلتقطونه يوما فيوما، فقال موسى وهارون لجميع بني اسرائيل في المساء تعلمون ان الرب اخرجكم من ارض مصر، وفي الصباح ترون مجد الرب لاستماعه تذمركم على الرب، واما نحن فماذا حتى تتذمروا علينا، وقال نبى الله موسى عليه السلام، ذلك بان الرب يعطيكم في المساء لحما لتاكلوا وفي الصباح خبزا لتشبعوا لاستماع الرب تذمركم الذي تتذمرون عليه، واما نحن فماذا ليس علينا تذمركم بل على الرب، وقال موسى لهارون عليهما السلام قل لكل جماعة بني اسرائيل اقتربوا الى امام الرب لانه قد سمع تذمركم، فحدث اذ كان هارون يكلم كل جماعة بني اسرائيل انهم التفتوا نحو البرية، واذا مجد الرب قد ظهر في السحاب، فكلم الرب نبيه موسى قائلا، سمعت تذمر بني اسرائيل، كلمهم قائلا في العشية تاكلون لحما وفي الصباح تشبعون خبزا، وتعلمون اني انا الرب الهكم، فكان في المساء ان السلوى صعدت وغطت المحلة، وفي الصباح كان سقيط الندى حوالي المحلة، ولما ارتفع سقيط الندى اذا على وجه البرية شيء دقيق مثل قشور.

دقيق كالجليد على الارض، فلما راى بنو اسرائيل قالوا بعضهم لبعض من هو،لانهم لم يعرفوا ما هو، فقال لهم نبى الله موسى عليه السلام، هو الخبز الذي اعطاكم الرب لتاكلوا، هذا هو الشيء الذي امر به الرب التقطوا منه كل واحد على حسب اكله عمرا للراس على عدد نفوسكم تاخذون كل واحد للذين في خيمته ففعل بنو اسرائيل هكذا والتقطوا بين مكثر ومقلل، ولما كالوا بالعمر لم يفضل المكثر والمقلل لم ينقص، كانوا قد التقطوا كل واحد على حسب اكله، وقال لهم نبى الله موسى عليه السلام، لا يبقي احد منه الى الصباح، لكنهم لم يسمعوا لموسى عليه السلام بل ابقى منه اناس الى الصباح، فتولد فيه دود وانتن، فسخط عليهم نبى الله موسى عليه السلام، وكانوا يلتقطونه صباحا فصباحا كل واحد على حسب اكله، واذا حميت الشمس كان يذوب، ثم كان في اليوم السادس انهم التقطوا خبزا مضاعفا عمرين للواحد، فجاء كل رؤساء الجماعة واخبروا نبى الله موسى عليه السلام، فقال لهم هذا ما قال الرب غدا عطلة سبت مقدس للرب، اخبزوا ما تخبزون واطبخوا ما تطبخون، وكل ما فضل ضعوه عندكم ليحفظ الى الغد، فوضعوه الى الغد كما امر موسى، فلم ينتن ولا صار فيه دود، فقال نبى الله موسى عليه السلام، كلوه اليوم لان للرب اليوم سبتا، اليوم لا تجدونه في الحقل، ستة ايام تلتقطونه، واما اليوم السابع ففيه سبت، لا يوجد فيه، وحدث في اليوم السابع ان بعض الشعب خرجوا ليلتقطوا فلم يجدوا، فقال الرب لنبيه موسى عليه السلام الى متى تابون ان تحفظوا وصاياي وشرائعى.

انظروا، ان الرب اعطاكم السبت لذلك هو يعطيكم في اليوم السادس خبز يومين، اجلسوا كل واحد في مكانه، لا يخرج احد من مكانه في اليوم السابع، فاستراح الشعب في اليوم السابع، ودعا بنى اسرائيل أن اسمه منا، وهو كبزر الكزبرة ابيض وطعمه كرقاق بعسل، وقال نبى الله موسى عليه السلام، هذا هو الشيء الذي امر به الرب، ملء العمر منه يكون للحفظ في اجيالكم، لكي يروا الخبز الذي اطعمتكم في البرية حين اخرجتكم من ارض مصر، وقال نبى الله موسى عليه السلام، لهارون عليه السلام خذ قسطا واحدا واجعل فيه ملء العمر منا وضعه امام الرب للحفظ في اجيالكم، كما امر الرب موسى عليه السلام وضعه هارون امام الشهادة للحفظ، واكل بنو اسرائيل المن اربعين سنة حتى جاءوا الى ارض عامرة، اكلوا المن حتى جاءوا الى طرف ارض كنعان، والذى قيل فى تصنيع المن والسلوى، بأن المكونات عبارة عن كوب من الماء، وثلاث أكواب من السكر، وملعقتان كبيرتان من العسل، ونصف كوب من القطر الكثيف، وبياض أربع بيضات، وملعقة صغيرة من الهيل، وملعقة صغيرة من جوزة الطيب، ونصف كوب من اللوز، ونصف كوب من الفستق الحلبي، وكوبان من الدقيق، وإن طريقة التحضير وهو أن يوضع السكر مع الماء على نار هادئة حتى يغلي تماما، ثم يضاف العسل مع القطر المكثف لخليط السكر على النار ويترك حتى يتماسك، واخفاق البيض في وعاء خفقا جيدا حتى يصبح كريميا، ثم يضاف السكر على شكل خيوط، أي بالتدريج وبشكل رقيق، مع الاستمرار في الخلط.

حتى لا يطهى البيض مرة واحدة، ثم يصفي الهيل وجوزة الطيب مع الخلط، ثم يضاف الفستق واللوز ويقلب بالملعقة، ثم يصب الخليط على صينية مرشوشة بالطحين بطبقة كثيفة حتى لا يلتصق ويترك جانبا حتى يبرد، ثم يشكل الخليط على شكل دوائر ويغمس في الطحين مرة ثانية ثم يقدم، وإن فوائد المن أو الصمغ العربي، وهو قيل بأنه مفيد للأمراض الصدرية ويهدئ السعال، ويقي من التهابات الجهاز الهضمي والأمعاء، وأنه يخفف من حدة الآلام العصبية، ويحمي من الإمساك ويساعد في عملية الهضم لاحتوائه على الألياف، ويقي من العطش في أيام الحر الشديد، وأنه مفيد للكبد وينشط عملها، ومفيد للذاكرة ويعمل على تقويتها خاصة عند كبار العمر، وتعتبر مادة المن واقية من حدوث السرطانات وخاصة سرطان القولون، وكذلك فإنه يعمل على خفض نسبة السكر في الدم بالإنزيمات المتوفرة فيه، وأنه مفيد لإنقاص الوزن والحميات لغناه العالي بالألياف، ومفيد لصحة العظام والأسنان ويقي من هشاشة العظام لغناه بالكالسيوم بعشر مرات تفوق الحليب، ويعمل على تخفيف ضغط الدم المرتفع، ويقي من التهابات وآلام المفاصل، وكذلك فإنه يحمي من النقرص وهو داء الملوك، ويطهر الجسم من السموم، ويقوي الجهاز المناعي بالجسم، وأما عن السلوى من المعروف بأن السلوى هو نوع من الطيور صغير الحجم أكبر من العصفور وأصغر من الحمام وقد أنزله الله تعالى طعاما لبني إسرائيل لما يحتويه من فوائد عظيمة وبروتين حيواني خالص قليل الدسم، كما أن بيض طائر السلوى له قيمة غذائية عالية.

وهى تفوق غيرها من بيض الطيور فهي تحتوي على فيتامينات ومعادن وأملاح بكمية كبيرة، كما أنها تعتبر غذاء صحيا ومقويا للجسم ولذلك جمع الله تعالى بين المن والسلوى في كتابه الكريم وهما غذاء بني إسرائيل، وقد تصنع حلوى المن في كثير من الدول العربية ولكن تتم إضافة مادة صناعية لها وتختلف اختلافا كليا عن طعم حلوى المن العراقية الخالية من أية مواد صناعية، وإن من خلال موقف نبى الله هارون ما يجب أن يتحلى به الداعى إلى الله عز وجل، من طول الصبر على من يدعوهم، والحكمة العالية فى حوارهم، ومعاملتهم على أنهم مرضى، مفتونون ومغرورون بحالهم، لا يكادون يبصرون الهدى والنور إلا لماما، وأن الداعى إلى الله يجب أن يكون رحيما بهم وشفوقا عليهم، كل همه أن يأخذ بأيديهم مما هم فيه، ونجاتهم من الإثم والمعصية التى توبقهم فى عذاب الله الأليم، ولو أن الذين يكفرون المسلم بسبب معصية ارتكبها، أو واجب تركه، رأوا حكمة نبى الله هارون عليه السلام فى معاملته لمن كفر بالله وتعالى وعبد العجل من بنى إسرائيل، لغير أسلوبه تماما، ولام نفسه على قسوته وشدته فى هذا الحكم الذى حكم به على هذا المسلم، وإنما عليه أن يبين له، بالرحمة واللين والحكمة، ما يحبه الله ويرضاه، ويشوق قلبه إليه، ويعطف نفسه نحوه، ويثلج صدر أخيه المسلم بالرقة واللطف والحب والمودة، لأنه يرجو نجاة أخيه المسلم المخالف لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ويعمل على خلاصه من ذنبه ومعصيته، وإن لنا فى رسل الله الكرام عليهم السلام جميل الأسوة وكريم القدوة.

ونحن نعتقد أيضا أن اليهود آذوا نبى الله موسى عليه السلام إيذاء نفسيا، وآذوه بعدم طاعته وتنفيذ أمره، ولعل أعظم إيذاء لنبى الله موسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل نشر عقيدة التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه العقيدة أن تستقر على الأرض في مكان، وتأمن على نفسها، وتمارس تعبدها في هدوء، ولقد رفض بنو إسرائيل القتال، وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة ” اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون” وبهذه النفسية حكم الله تعالى عليهم بالتيه وكان الحكم يحدد أربعين عاما كاملة، وقد مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله، فنى الجيل الخائر المهزوم من الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد، جيل لم يتربى وسط مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام الحرية، جيل لم ينهزم من الداخل، جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدو له أول ولا تستبين له نهاية، إلا خشية من لقاء العدو، جيل صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه، جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانة من ديانات التوحيد، وأخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما، ولقد قدر لنبى الله موسى عليه السلام زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى، وقدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل، فقد مات نبى الله موسى عليه السلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها، ولقد ورد أن كليم الله موسى عليه السلام، قال ربي هل أكرمت أحد مثلما اكرمتني به لقد أسمعتني كلامك.

فقال تعالى “وكلم الله موسى تكليما” يا موسى إني أصطفيتك على الناس برسالاتي و كلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين، فقال ياربي هل أكرمت أحد بمثل ما أكرمتني به أسمعتني كلامك، فقال الله عز وجل إن لي عبادا يا موسى إن لي عبادا اخرجهم في آخر الزمان، أكرمهم بشهر رمضان وأنا أقرب إليهم منك، فإني كلمتك وبيني و بينك سبعون ألف حجابا فإذا صامت أمة محمد شهر رمضان، وابيضت شفاههم وأصفرت ألوانهم أرفع تلك الحجب وقت إفطارهم، يا موسى طوبى لمن عطش كبده و جاع بطنه في رمضان فإني لا أجازيه من دون لقائي، وخلوف أفواههم عندي اطيب من ريح المسك، ومن صام يوما من رمضان أستوجب عندي مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فقال موسى ياربي اكرمني بشهر رمضان، مثلما ما اكرمت أمة محمد صلوات الله و سلامه عليه، قال الله تعالى هو لأمة محمد خاصة” ولكن قيل هذا الحديث في الآثار الموقوفة والمقطوعة، ولم يوجد له أثرا عن الصحابة والتابعين، فهذا الخبر لا أصل له وهو خبر مكذوب، فلا يجوز نشره وهذا للعلم.

FB IMG 1615047432849

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock