دين ودنيا

الدكروري يكتب عن ألم تري كيف فعل ربك بعاد

الدكروري يكتب عن ألم تري كيف فعل ربك بعاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن قصة قوم عاد هى قصة من القصص الحق، مليئة بالدروس مشحونة بالعبر، فيها تسلية للمستضعفين ورسالة إنذار للطغاة والمتجبرين، مع خبر أمة لم يري مثلها في الطغيان والعناد والبطش والفساد، ظلموا أنفسهم وعلو في الأرض، وما علموا أن الطغيان مهلكة للديار، مفسدة للأمصار، مسخطة للجبار، نهايته ومآله خيبة ومذلة فقال الله تعالى فى سورة طه ” وقد خاب من حمل ظلما ” وإنهم قوم عاد الذين تزاهوا بالمال، وتباهوا بالقوة، فأورثهم ذلك طغيانا وكفرا وعنادا وبطران فقال الله تعالى فى سورة الفجر ” ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد ” وقال السدي، كانوا باليمن بالأحقاف، وهو جبل الرمل، وقد بسط الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة قوة في أجسادهم وضخامة في أبدانهم.

كما قال الله تعالى فى سورة الأعراف ” وزادكم فى الخلق بسطة ” بل لم يخلق الله مثل قوتهم فقال الله تعالى فى سورة الفجر ” التى لم يخلق مثلها فى البلاد ” فكانوا أقوى أهل زمانهم عسكريا واقتصاديا وكانت لهم الخلافة بعد قوم نوح عليه السلام، فقال الله تعالى فى سورة الأعراف ” واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ” وقد كان قوم عاد أصحاب رقي وعمران وحضارة في البناء ومدنية في الحياة، فمساكنهم آية في الروعة والفن، وقد أشار القرآن الكريم إلى شيء منها في قوله تعالى فى سورة الفجر ” ذات العماد ” أي ذات البناء الرفيع، وزادهم الله تعالى بسطة في النعيم، فكانت أراضيهم جنات وعيونا، فزادت مواشيهم، وفاضت أموالهم، وكثر أبناؤهم فقال الله تعالى فى سورة الشعراء.

” أمدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون ” وقدعاش قوم عاد حياة الترف والالتهاء بالدنيا، فكان الواحد يحكم بنيانه ويرفعه ويباهي به، لا لحاجته بل للمفاخرة والتطاول كما قال تعالى فى سورة الشعراء ” اتبنون بكل ريع آية تعبثون ” وتنافسوا أيضا من الإكثار في المساكن والبروج الشاهقة ليخلد في الدنيا ذكرهم، فقال الله تعالى فى سورة الشعراء “وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ” وقابلت هذه الأمة العربية نعم الله بالكفران، وآلاءه بالجحود والنكران، فعبدوا الأوثان، واعتقدوا فيها النفع والضر، فلم تغن عنهم حضارتهم وتقدمهم شيئا وكانت تلك الأمة قد فشا فيهم الظلم، وفيهم طغاة يطاعون من دون الله تعالى، وغرتهم حضارتهم وقوتهم فقالوا من أشد منا قوة، فبعث الله لهم نبيهم هودا عليه السلام.

فدعا وذكر ونصح وأشفق عليهم ودعاهم إلى عبادة الله وحده ونبذ الأوثان، وذكرهم نعم الله المتتالية عليهم، وحثهم على الاستغفار والتوبة وأن الرجوع إلى الله يزيدهم خيرا، وبين لهم إنه لا يريد من هذه الدعوة مصلحة أو مالا، وقد آمن مع نبى الله هود من آمن من قومه، والغالب اختاروا طريق الهوى والعناد والإعراض فقابلوا هذه الدعوة الصادقة بمواقف عدة حكاها القران في مواضع متفرقة، فاحتقروا نبيهم، ورموه بالسفاهة والكذبن واتهموه في عقله، وادعوا انه لم يأتهم بالأدلة المقنعة على دعوته، وصارحوه بالكفر، بل ادعوا أنهم على الحق وهو على الضلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock