الدكروري يكتب عن العزل بين الزوجين في الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
جاءت الشريعة الإسلامية السمحة بكل ما يفيد المجتمع ويفيد البشرية جمعاء، وأما عن موضوع العزل بين الأزواج في الإسلام فلا بد من التنبيه على أن العزل لا يُشرع إلا بإذن الزوجة، حيث قال ابن حجر رحمه الله ذلك، وقد اختلف السلف في حكم العزل، فقال ابن

عبدالبر، لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل، ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هبيرة، وعليه القول بأنه يجوز تنظيم الحمل بأي وسيلة مشروعة آمنة، يختارها الزوجان، وبرضا الزوجة، سواء كان بالعزل أو غيره من الوسائل المستحدثة، وأن قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي بشأن تنظيم النسل.
هو أنه بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء، في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناء على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل إحدى الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها، فقد قرر أنه لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب، وأنه يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة بمعاييرها الشرعية، وأنه يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب.
بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعا بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وألا يكون فيها عدوان على حمل قائم، والله أعلم، ويسعي كل من الزوجين الآن نظرا لظروف الحياة المعيشية والغلاء الذي نعيش فيه، إلي ما يسمي بتحديد النسل، أو تنظيم النسل وذلك بأن يكتفي الزوجان بطفل أو اثنين علي الأكثر، وإن قرار هيئة كبار العلماء بشأن تحديد النسل، هو أنه نظرا إلى أن الشريعة الإِسلامية ترغب في انتشار النسل، وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنّة عظيمة من الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بأن القول بتحديد النسل، أو منع الحمل، مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإِسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعباده، ونظرا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة، حتى تكون لديهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافا للكيان الإِسلامي، المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها، لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقا, ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد منه خشية الإملاق لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.
أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما، لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل، أو تأخيره، عملا بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشيا مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعيّن منع الحمل في حال ثبوت الضرورة المحققة، وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى الذي ينبغي على كل مسلم متزوج، وغير متزوج قوله عليه السلام “تزوجوا الولود الودود فإني مُباه بكم الأمم يوم القيامة” وهذا الحديث واضح الدلالة جدا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يحب أن تتكاثر أمته، ولقد قال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة النور” وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله “
زر الذهاب إلى الأعلى