أدب وشعر

إنسان مع العالم الآخر[٤] الكنز

بقلم: عبدالحميد أحمد حمودة
جلس ليلاً يفكر كثيرًا، لماذا حدث كل هذا له، ولماذا اختفت الأميرة وأخوها، حتى سمع صوتًا يقول:
-إننا معك ولم نذهب بعيدا.
بدا وكأنه يشعر بوجودهما من جديد ويرى طيفًا في المكان، حاول أن يراهم بوضوح، لكنه لم يكن قادرًا على ذلك.
ثم نام واستيقظ على من يطلب منه أن يستيقظ، وعندما فتح عينيه وجد الأمير وأخته أمامه في مكان ما، وملأ النور المكان، وحملوا الذهب في أيديهم وحولهم الكثير من الذهب.
قال:
-ما كل هذا؟
قالوا:
-إنها لك
قال:
-كيف يمكنني أن آخذه؟
قالوا:
-يجب أن تذهب هناك بنفسك وتأخذ ما تريد.
قال:
-هناك أين؟
قالوا:
-في منزل عائلتك القديم.
قال:
-أين هو في المنزل.
قالوا:
-سنخبرك، ونوجهك إلى مكانه، ونساعدك على أخذه، إنه ملكك.
سمع صوتًا بداخله يقول له:
-توضأ، وصلِّ إلى الله ركعتان، اترك ما تراه ولا تتبعهم، ولا تتبع نفسك وتجاهلهم.
جسده كان ثقيلاً، وكأن هناك شيئًا جالسًا على صدره غير قادر على الحركة، فحاول المقاومة لكنه لم يستطع، ونام مرة أخرى.
استيقظ صباحا كالعادة يتوضأ ويصلي ويقرأ ما هو متاح له من القرآن.
وجلس يتحدث معهم
قال:
-هل ما رأيته في الليل حقيقيًا؟
قالوا:
-نعم، هذا حقيقي.
قال:
-إذا ذهبت إلى هناك الآن، فسوف أجد ما رأيت.
قالوا:
-نعم، سترى بعينيك.
قال:
-سأجهز نفسي للذهاب وأرى.
ارتدى ثيابه وذهب إلى منزل عائلته القديم الذي لا يسكنه أحد لأنه قديم جدًا وهناك بدأوا يتحدثون
قالوا:
-اذهب إلى آخر غرفة في المنزل.
قال:
-نعم
دخل الغرفة ووقف في وسطها فلما رأى أمامه على أحد جدرانها تمثالاً ذهبيًا صغيرًا، ولما بدأ يخترق الجدار ويخرجه، ظهر عرش يجلس عليه ملك وفارس واقف حوله.
قال:
-من هؤلاء؟ وماذا يريدون؟
قالوا:
-هو من ملوك الجن وحارسه حوله ويريدون منعك من أخذه.
قال:
-ماذا عسانا نفعل.
سمع صوت الأميرة لؤلؤة وهي تقول له:
-لا تقلق واقرأ سورة من القرآن رأيتها قبل في منامك.
قال:
-نعم، أتذكر أنني رأيت سورة وكنت أقرأها في منامي عندما كنت صغيرًا.
بدأ بالقراءة، وبعد أن انتهى لم يجد أمامه أي شخص أو شيء، وبدأ يسأل، لكن لم يجبه أحد، وغادر الغرفة مندهشًا مما حدث.
وكيف سمع الأميرة لؤلؤة وهي تتحدث معه؟ بدأ يفكر هل كانت معه أم ذهبت ولماذا تحدثت معه وقالت هذا؟
وفجأة رأى الملك أمامه غاضبا وقال له: أتعلم ما فعلت، ارجع إلى ابنتي.
هو قال:
-كيف يمكنني استعادتها أنا لا أفهم أي شيء تقوله.
قال الملك:
-ارجع إلى ابنتي، أخبر المحارب أن يعيدها إلي.
قال:
-لا أفهم أي شيء تقوله، دعني أعرف ما حدث.
قال الملك:
-لقد أخطأت ابنتي، أعدها إلي، وسأعاقبها بنفسي.
فجأة رأى فتاة جميلة جدًا مقيدة بالسلاسل من رقبتها إلى قدميها في صحراء بعيدة.
دهش من الأمر ولم يكن يعلم ما يحدث ولم يتفوه بكلمة وبدأ يفكر في الأمر لكنه لم يتخذ أي قرار أو يتحدث، إذ لم يكن يعلم ماذا سيقول، وهل هو على صواب أم خطأ، فتركه وخرج من المنزل في ذهول.
وقف أمام المنزل قليلاً، ثم عاد إلى داخل المنزل ليتفاجأ أمامه برؤية الأمير والأميرة جالسان والملك جالسًا بعيدًا، ومجموعة من كبار السن يقفون مثل الدائرة.
أمام الملك يتحدث، بينما هو كان واقفًا بذهول غير مدرك لما يجري
سأل عن الأميرة لؤلؤة، وقفت الأميرة بجانب أخيها وقالت:
-ماذا تريد منها.
قال:
-سمعت صوتها وأريد أن أعرف ما بها ولماذا لا أراها مثلك
قالت:
-لا تسأل عن ذلك، نحن معك وحولك، فهي ليست جيدة وتريد أن تؤذيك، ولن ندعها تؤذيك، وهل ستفعل ما لا نستطيع فعله من أجلك.
وهي في حالة من الغضب مما جعله يشعر بأنها تغار منها، وانتبه إلى شيء أيضًا، وهو أنها تعرف ما كان يراه في طفولته، وكانت ترافقه منذ طفولته، وكيف يمكن أن تؤذيه بينما كانت تحافظ عليه وتعتني به، لم يقتنع بما قالوه وأخفى بداخله ما رآه وشعر به حتى اليوم الذي ينكشف فيه كل شيء أمامه.
وقف أمام الملك وتفاجأ الجميع بما يحدث
قال:
-ماذا تريد مني ولماذا أنت هنا؟
قال الملك:
-إنه مكاني وأريد أن تعود ابنتي إلي حتى لا أقتلك.
قال:
-تجرأت بكلمات تكاد تقتلك، ابنتك انتزعت منك بالقوة؟ كيف لا تخاف على نفسك ألا تقيدك السلاسل؟
دهش الملك والحاضرين، لكن لم ينبس أحد بكلمة
قال:
-أطلب منك أن تغادر الآن
قال الملك:
-سأغادر، لكن في يوم من الأيام سأعود.
قال:
-سأنتظرك، مرحبًا بك إذا أتيت بسلام، وعندها ستكون نهايتك إذا أتيت كعدو.
بدأ يتراجع حتى اختفى عن أنظارهم، ودخل رجل عجوز إلى المجلس، متكئًا على عصاه في يده، وينظر إليهم، ثم تركهم وذهب في طريقه.
قال:
-دخلت ونظرت إلينا وذهبت
قال العجوز:
-ابتعد عنهم يا بني ، فهم أشرار.
نظر إليه بدهشة ونظر إليهما فوجد الأمير واقفًا ضاحكًا وقال له:
-نحبك، ولا تصغي إلى أحد، فهم أعداؤنا.
هو قال:
-عندي ما أراه منك، ولكن ما بداخل نواياك الله أعلم به.
ذهب لتفقد المنزل ورأى امرأة جميلة تقف بعيدًا ، وتذكر أنه رآها من قبل في حديقته.
ذهب إليها ، لكنها ذهبت واختفت من أمامه، فوقف صامتًا وهو يكلم نفسه قائلاً:
-إنه عالم غريب جدًا ، والآن أنا مشتت للغاية ولا أعرف ما الذي يحدث.
وقف أمامهم وقال:
-الآن أريد أن أعرف من أنت ومن أين أتيت
قال الأمير:
-لقد كنا معك من فترة طويلة ونحبك كثيرًا
قال:
-كيف، لم أرك من قبل؟
فجأة ظهر أمامه رجل عجوز، بشعر أبيض طويل، ولحية بيضاء طويلة، ورموش بيضاء طويلة، وعينان خضراوتان، وظهر منحنى، وقال له:
-أنا من معك، وهؤلاء أحفادي
نظر إليهم ووجدهم واقفين. لم يتكلم أيًا منهم بكلمة، فتكلم الشيخ واستمعوا إليه بالتزام كامل قائلاً:
-لقد كنت معك منذ أن كنت صغيرًا جدًا وكنت هنا قبل ولادتك.
قال:
-كم عمرك؟
قال الشيخ:
-سبعة آلاف سنة
جلس ولم يتكلم متفاجئًا لما سمعه ثم ابتسم وقال:
-أريد أن أتعامل معك فقط وليس بواسطتهم.
أشار بإصبعه إلى الأمير والأميرة
قال الشيخ:
-نعم، سأتواصل معك بنفسي.
وتعهدوا معًا للخير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock