دين ودنيا

وقفه مع جبر الخاطر وأثره على الفرد والمجتمع “الجزء الرابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع جبر الخاطر وأثره على الفرد والمجتمع، ومن أمثال جبر الخاطر وهو عند دخولك إلى المكتب، وقدم لك العامل فنجان من القهوة، وشكرته على هذا الفنجان بالتبسم فإنه يعد من جبر الخواطر، وعندما تشيد بمجهود زوجتك على تحملها المسئولية، ومحاولتها لتعلم طبخة جديدة، فتشكرها على ذلك وتمدحها، فإنك تجبر بخاطرها، وعندما تقول الزوجة شكرا لزوجها خاصة عندما يدخل بالطلبات إلى المنزل، ويكافح من أجلهم، فإنه من جبر الخواطر وتطيب النفوس، كذلك فالابتسامة من تطيب النفوس، والكلمة الحسنة ومساعدة الغير من الأمور التي تجبر الخواطر، فطيبو خواطر من حولكم، ولا تبخلوا عليهم من الجهد والعمل المستطاع.

فهي سعادة وفتح لباب البر والإحسان، فما أروع من مواساة الذين يعيشون معنا، وما أعظم أن نجبر بخاطرهم، لعل الله يجبر بخاطرنا ويزيح عنا الغيوم، فإن الله عز وجل قد عقد عقد الأخوة بين المؤمنين، وجعلهم بنعمته إخوانا، وهذه الأخوة تقتضي الإحسان، والإحسان درجات وأنواع، ومن إحسان المسلم إلى المسلم، ومما جاءت به شريعة الإسلام هو تطييب الخواطر، وهو أكثر ما يُدخل الجنة التقوى وحسن الخلق، وتطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين، وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، فإن تطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين.

وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، وهو عبادة جليلة، وقد نص أهل المعتقد من أهل التوحيد والسنة على ذلك حتى في بعض مصنفاتهم في العقيدة، فقال الإمام إسماعيل بن محمد الأصبهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة “ومن مذهب أهل السنة التورع في المآكل والمشارب والمناكح، ثم قال ومواساة الضعفاء والشفقة على خلق الله، فأهل السنة يعرفون الحق، ويرحمون الخلق، وأئمة أهل السنة والعلم والإيمان فيهم العدل، والرحمة، والعلم، فيريدون للناس الخير، وقد جاءت هذه الشريعة بما يطيب النفوس، واستحبت التعزية على سبيل المثال لأهل الميت لتسليتهم ومواساتهم، وتطييب خاطرهم، عند فقد ميتهم.

وكذلك يطيب خاطر المطلقة بالتمتيع، وهو حق على المحسنين، متاعا بالمعروف، فإذا لم يفرض لها مهر كان المتاع والتمتيع واجبا على المطلق، وإذا كان لها مهر أخذته، فإن تمتيعها بشيء تأخذه معها وهي ترتحل من مال غير المهر، أو ثياب، أو حلي، ونحو ذلك جبرا لخاطرها، وتطييبا للقلب المنكسر بالطلاق كما قال تعالى “متاعا بالمعروف” فقال تعالى فى سورة الأحزاب “فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا” لماذا؟ لأن القلب قد حصل فيه انشعاب، والنفس قد كسرت وكسرها طلاقها، فجبر الكسر بالمتاع من محاسن دين الإسلام، لا كأخلاق أهل هذا الزمان الذين أدى بهم غياب العقل إلى إحداث حفلات للطلاق، وأيضا فقد أقرت الدية في قتل الخطأ لجبر نفوس أهل المجني عليه.

وتطييبا لخواطرهم، كما قال ابن قدامه رحمه الله، وكان من توجيهات الله عز وجل لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ” فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر” فكما كنت يتيما يا محمد صلى الله عليه وسلم فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال، وهذا أدب إسلامي رفيع، وهذا مع المحتاجين، وليس مع المتحايلين الكذابين، فقد عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم لأنه أعرض عن الأعمى، وقد جاءه يستفيد، يسأل يا رسول الله علمني مما علمك الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock