مقالات

نسخ الأنظمة وسوء التطبيق

بقلمي جمال القاضي

ترغب الكثير من الدول العربية في التغير لكن حين يكون لدهيا رغبة في تغير أحد الأنظمة التي تتبعها في مجال من المجلات تذهب دائما بالقول بأن هذا النظام متبع في دولة ما قاصدين بقولهم وبإشارة منهم لإحدى الدول الغربية ، ونسيت مع ذلك بأن لكل دولة ظروفا إقتصادية وإجتماعية مختلفة تماما عن واقعنا الذي نغيش فيه ، وننسخ مافيه من نظام مع عدم الإلتفات لما تكون عليه الدولة التي تقوم بإستيراد نظمها في الثقافة .
ولو عاد بنا الزمان إلى زمن ليس ببعيد لوجدنا أن ماعليه هذه الدول من التقدم والرفاهية هو مخرج من مخرجات العرب ، لكنهم لم يبدأو من نقطة البداية التي بدأ بها علماؤنا العرب ، وأنما كانت بدايتهم من حيث ماإنتهى إليه من سبقهم ، لكملوا مسيرتهم في العطاء والإنجاز العلمي .
ولو ذهبنا لذكر هؤلاء العلماء الذين كان عطائهم مازال قائما حتى عصرنا الحالي بقطوف من ثمار جهودهم التي بذلوها في شتى المجالات لن نستطيع حصر أعدادهم ، ليعلم التاريخ والعالم أجمع أن العرب كان لهم الفضل الكبير والأساسي في تقدم هذه المجتمعات .
وعلى سبيل المثال لاالحصر نذكر منهم الاستاذ الدكتور منير حسن نايفة وهو أحد أبزر علماء الفيزياء في القرن العشرين وقد حصل على جائزة البحث التصنيعي في الولايات المتحدة, وتمكن من الإجابة عن استفهام مهم طرحه عالم الفيزياء الشهير “ريتشارد فاينمان” عن تحكم الإنسان في حركة ومسار الذرة وإمكانية إعادة ترتيب مواضعها داخل المركبات الكيميائية.
د.منير نجح في تحريك الذرات منفردة ذرة ذرة, هذه التقنية التي تماثل القفزة النوعية التي حققتها تقنية “المايكروتكنولوجي”, وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه يؤسس لفرع في جديد في علم الكيمياء يُدعى “كيمياء الذرة المنفردة”, وهو ما يمكن أن يتيح الفرصة لإنجاز المعدات المجهرية الطبية وغيرها.
وعالم آخر وهو الأستاذ الدكتور أحمد زويل العالم المصري والذي حائز على جائزة “بنيامين فرانكلين” لإكتشافه العلمي والمعروف باسم ( ثانية الفيمتو ) وهي أصغر وحدة زمنية في الثانية, وبعدها ترشح لجائزة نوبل في الكيمياء ليكون أول عالم عربي مسلم يفوز بتلك الجائزة في الكيمياء عام 1999 .
وفي مجال الهندسة نذكر الأستاذ الدكتور مايكل عطية عالم الرياضيات اللبناني والمتخصص في علم الهندسة وهو من أبرز علماء الرياضيات في العالم, حيت حصل على جائزة فيلدز في الرياضيات وهي تعادل جائزة نوبل حيث أن نوبل ليس لديها تخصص في الرياضيات .
ارتكزت بحوثه هذا العالم على محاولة الدمج بين علمي الرياضيات والفيزياء، وذلك عن طريق دمج نظرية النسبية العامة لأينشتاين التي تفسر الكون الأكبر, ونظرية “ميكانيك الكم” التي تفسر الكون الأصغر داخل الذرات .
وقد تم انتخابه رئيساً للجمعية الملكية عام 1992 و استطاع بذلك الجمع بين رئاسة أعرق مؤسستين في بريطانيا, هما “الجمعية الملكية”, التي تأسست عام 1731, وهي بمنزلة أكاديمية العلوم, و”كلية ترينيتي” في جامعة كمبردج و التي تعتبر أغنى الكليات في بريطانيا .
وفي مجال الجولوجيا الإقتصادية نذكر الأستاذ الدكتور فاروق الباز ، والذي كان له إنجازات عديدة في هذا المجال ، كما أنه من المناصب المرموقة ومنها مديرا لمركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية, مؤسس ومدير مركز دراسات الأرض والكواكب في المتحف الوطني للجو والفضاء بمعهد سميثونيان بواشنطن وكذلك التخطيط للدراسات القمرية واستكشاف سطح القمر في وكالة ناسا, وسكرتير لجنة اختيار مواقع هبوط سفن برنامج أبوللو على سطح القمر, ورئيس لفريق تدريبات رواد الفضاء في العلوم وتصوير القمر, ورئيس أبحاث التجارب الخاصة بالمراقبات الأرضية من الفضاء والتصوير في مشروع الرحلة الفضائية المشتركة أبوللو-سويوزعام 1975 .
وفي مجال الهندسة الميكانيكية نذكر الأستاذ الدكتور عدنان وحود والذي ولد في أسرة سورية فقيرة ولم يعجزه الفقر ، ليسجل وهو في الثلاثين من عمره أول اختراع على المستوى الأوروبي, وهو صمام تغذية الهواء في آلة النسيج وبعد حصوله على الدكتوراه عمل رئيساً لقسم الأبحاث والتطوير في شركة “دورنييه” في جنوب ألمانيا, وسجّل أكثر من 60 اختراع في اختصاصه ليُمنح وسام المخترعين لعام 2003 .
وفي مجال الطب نذكر العالم المصري الأستاذ الدكتور مجدي يعقوب وهو من أبرز علماء العالم في هذا المجال كأستاذ لجراحة القلب العالمي، وييلقب ببريطانيا ( بـملك القلوب )و هو ثاني طبيب يقوم بزراعة قلب بعد كريستيان برنارد, حيث أجرى أكثر من 20 ألف عملية خلال حياته, وله 400 بحث متخصص, وقد اكتشف أساليب تقنية من شأنها تعزيز مهارات الجراحين لإجراء عمليات كانت يوما ما أشبه بالمستحيلة .
وأخيرا :
فإن الحديث عن علماء العرب لايكفيه مانذكر لهم من الإنجازات المحلية والعالمية في العلوم المختلفة والتي كانت سببا في تقدم معظم شعوب الغرب في شتى المجالات ، ألم نفخر بأن كل هؤلاء وغيرهم هم بالأصل عرب ودرسوا في مدارس البسيطة ؟ إلم تكن أنظمة التعليم المتبعة وقتها هي التي جعلتهم بهذه المكانة التي صاروا إليها في حياتهم العلمية ؟ فلماذا دائما نرغب في إستيراد أنظمة غيرنا ولم نعمل في جعل أنظمتنا نظما يتبعها غيرنا من الدول الغربية ونسبقهم بها في النهوض والتقدم والحضارة ؟ لماذا ننسخ هذه الأنظمة وننسى سوء الواقع ؟
نحن في حاجة لعقول جديدة تدرس الواقع وتخطط تخطيطا صحيحا بالإمكانيات القليلة المتاحة وتبحث عن مايناسب كل دولة من ظروف إقتصادية صعبه تعيشها معظم الدول العربية ولا ننسخ نظاما مستوردا لايوافق مانحن فيه لنعيد للعروبة مكانتها العالمية كما كانت عليه من قبل في العصور القديمة والحديثة .
بقلمي جمال القاضي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock