مقالات

الدكروري يكتب عن العلاقة بين الطبيعة والإنسان

الدكروري يكتب عن العلاقة بين الطبيعة والإنسان

الدكروري يكتب عن العلاقة بين الطبيعة والإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن العلاقة بين الطبيعة والإنسان هي علاقة تكامل وانسجام، وفي عصرنا الحالي نجد أن الحضارة المعاصرة عملت على إفساد البيئة الكونية، وذلك لأن العلاقة قد تأسست منذ البداية على فكرة الصراع دون وجود للقيم الأخلاقية، مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات مثل استنفاذ الموارد ومصادر الطاقة المخزونة، بالإضافة إلى تراكم النفايات بشكل كبير واستخدام أسلحة الدمار الشامل التي أدت إلى إهلاك النسل، وكل تلك الأمور سببها السلوك الإنساني الفاسد، وقد تم استبعاد البعد الغيبي في عوامل قيام الحضارة في الرؤية الغربية، حيث تعاملت الحضارة الغربية مع عالم الشهادة، واقتصر علمها على المفاهيم الوضعية التي تقوم على الصراع، كما أن النظريات الغربية عمدت إلى تعظيم دور الإنسان. 
inbound6100734280433734238
وجعله مركزا للكون، بالإضافة إلى تضخيم دور الطبيعة أيضا، وقد سعت الحضارة الغربية إلى تحقيق المنفعة للإنسان وإشباع غرائزه مع إهمال الجانب الروحي، الأمر الذي أدى إلى التهديد بالخطر، ولم يرى الغرب أن مقياس تفوق الحضارات لا يكون في حجم إنتاجها فقط وإنما في أخلاقية الجماعات المتحضرة في المجتمع وخدمتها للإنسانية، حيث انحصرت وجهة النظر الغربية في عرقٍ معين أو نطاق دولة معينة، أو طبقة ما، والجدير بالذكر أن انفصال الحضارة عن الدين في المجتمع الغربي أدى بها إلى الانحلال، والذي أدى بدوره إلى مشكلات عديدة أهمها انهيار الأسرة، وتفككها، وانتشار المخدرات، وغيرها من مشاكل المجتمعات الغربية، وأما عن عوامل قيام الحضارات في الرؤية الإسلامية.
فلقد استخلف الله تعالى الإنسان في الأرض للقيام بدوره الحضاري فيها، ويمكن القول إن تقدم المجمتع وتخلفه يرجع للإنسان نفسه، وقد أكد القرآن الكريم هذا الأمر عندما بيّن أن أي تغيير في العالم يبدأ من تغيير الناس لما في أنفسهم، إذن فإن قيام الحضارة وسقوطها يعود إلى الموقف البشري نفسه، والإرادة الإنسانية وليس إلى الطبيعة أو المادة، كما أن بقاء الأمة وحضارتها مرتبط بصلاح نفوسها وفسادها سواء داخليا أو خارجيا، أما التغيير الداخلي للنفس فيحدث من خلال الإيمان والذي يعمل على تنشئة الأفراد على الصدق، والأمانة، والإخلاص، ومحاسبة النفس وضبطها، كما يؤهلهم لبناء حضارة ومجتمع مزدهر، ويعد الإيمان الأساس الذي تقوم عليه الحضارة لما يحدثه من آثار في حياة الإنسان. 
ويبين الإيمان حقيقة الوجود ويرسم غاية الحياة، وحقيقة التوحيد التي تمثل جوهر العقيدة التي يتم بناء الحضارة على أساسها، ويشكل الإيمان الوعي الجماعي للمجتمع الذي تقوم عليه الحضارة، فلكل دائرة حضارية نظرياتها المعرفية المحددة لخصائصها الجوهرية والتي تمنحها الهوية الثقافية والاجتماعية المتميزة، كما أن الإيمان يبدأ بعملية إصلاح القلب والذي يتبعه صلاح في الأعمال، وبالتالي الانعكاس على قيام الحضارة المادية، ويقوم الإيمان على الوسطية في مبادئه والتي تعد سيرة المسلمين التي بنوا عليها حياتهم القائمة على العدل الذي يعد منطلقا للتغيير، والتعمير، والاستثمار، ويمكن القول إن الوسطية قاعدة أساسية من قواعد التحضر الإسلامي في مختلف الجوانب الفكرية، والسلوكية، والتعميرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock