دين ودنيا

الدكروري يكتب عن فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة

الدكروري يكتب عن فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم علي النكاح والتكاثر، وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “تزوجوا الولود تناسلوا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة” وفي رواية حتى بالسقط والأيامى جمع أيم، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما، حكاه الجوهري عن أهل اللغة، يقال رجل أيم وامرأة أيم، وأما عن قول الله تعالى فى سورة النور ” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما، رغبهم الله في التزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى، فقال تعالى” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال “أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى”

وقال الله تعالى” إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ” رواه ابن جرير، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثلاثة حق على الله عونهم، الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله” رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره، ولم يقدر على خاتم من حديد، ومع هذا فزوجه بتلك المرأة، وجعل صداقها على أن يعلمها ما معه من القرآن، والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث “تزوجوا فقراء يغنكم الله” فلا أصل له، وليس له إسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن، وفي القرآن الكريم غنية عنه، وما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله، في تفسير الآيتين يتضح للقراء حقيقة معناهما.

وأنهما يدلان على شرعية النكاح والحث عليه، لما فيه من المصالح العظيمة التي منها قضاء الوطر، وعفة الفرج، وغض البصر، وتكثير النسل، أما الاستدلال بهما على جواز قطع الحمل وتحديد النسل، ففي غاية من الغرابة والبعد عن الصواب، وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فهو دال على ما دلت عليه الآيتان، من الحث على النكاح والترغيب فيه وبيان بعض حكمه وأسراره، ودال أيضا على أن من عجز عن النكاح يشرع له الاشتغال بالصوم لأنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان، فهو من أسباب العفة وغض البصر، وليس فيه حجة بوجه ما على إباحة قطع الحمل أو تحديد النسل.

وإنما فيه تأخير عند العجز إلى زمن القدرة، وشرعية تعاطي أسباب العفة حتى لا يقع في الحرام، وأما الاحتجاج بأحاديث العزل على تحديد النسل فهو من جنس ما قبله، بعيد عن الصواب مخالف لمقاصد الشرع لأن العزل هو إراقة المني خارج الفرج لئلا تحمل المرأة، وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه، مثل كون المرأة مريضة أو مرضعة، فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها، فيعزل لهذا الغرض أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما، ثم يترك ذلك، وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل، وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل، لغرض شرعي، وهذا لا محذور فيه في أصح الأقوال عند العلماء، كما دلت عليه أحاديث العزل، ثم إن العزل لا يلزم منه عدم الحمل فقد يسبقه المني أو بعضه فتحمل المرأة بإذن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock