مقالات

تحدي الإعاقة

تحدي الإعاقة

بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي

في النصف الثاني من القرن العشرين قامت هيئة الأمم المتحدة بوضع تعريف لمصطلح الإعاقة بذوي الإحتياجات الخاصة ويطلق على الأشخاص المصابين بالإعتلال العقلي أو الفيزيائي الدائم ، وذلك في تعاملاتهم المختلفة مع كل البيئات والمعوقات لمساعدتهم في الإنخراط في المجتمع والتفاعل بالقدر الذي يجعلهم متكافئين مع الآخرين .
فالشخص المصاب بالإعاقة هو الذي لا يستطيع التعامل مع محيطه أما بدنياً أو عقلياً أو إجتماعياً أو عاطفياً ؛ وهو العاجز عن القيام بمهمات أو أنشطة كالشخص السليم .
وربما تكون الإعاقة البدنية أو العقلية منذ الولادة أو نتيجة لحادث يقع للشخص السليم .
تعتبر العناية بذوي الإحتياجات الخاصة علامة حضارية للدولة وهذا يتمثل في إيجاد
الوسائل الطبية الخاصة لهؤلاء الأشخاص على الخوض في غمار الحياة ضاليومية ثم العامة و
وذلك تشجيعاً لهم على ممارسة الدور الطبيعي كالشخص الطبيعي . وبجانب الوسائل الطبية
تقدم لهم الدولة معونات مادية تعويضات عن عدم القدرة على العمل .
تحاول الدولة المتقدمة إقتصادياً وحضارياًأن تفتح الكثير من مراكز الرعاية لذوي الإحتياجات
الخاصة وذلك لدعمهم وإندماجهم في المجتمع والحرص على رفع معنوياتهم والمساواة في
الحصول على فرصة عادلة في العمل دون ظلم أو استبداد أو تمييز.
فمثلا ً في المملكة البلجيكية توجد ” جمعية الفلمنك لرعاية المعاقين ” برئيس وإخصائيين
وميزانية متجددة كل عام للإشراف عليهم . وهذه الجمعية مسئولة عن الإعانة المادية لذوي
الإحتياجات الخاصة وعن إيجاد مسكّن للعيش فيه ودعمهم ورعايتهم نفسياً . ويتم في مثل
هذه المراكز المنتشرة في أرجاء أوروبا إشراكهم في العمل البسيط السهل في مؤسسات
الدولة لحصولهم على رواتب مثل غيرهم ويكون هذا العمل مناسباً لقدرات الشخص المعاق .
وفي بعض هذه المراكز يطلبون من بعض المعاقين كتابة ” يوميات” حتى يستنبط الإخصائيون
الفجوات النفسية والفكرية والإقتصادية لهم وذلك من أجل وضع الحلول المناسبة لكل إعاقة شخص .
يترك ذوي الإحتياجات الخاصة في الدول الفقيرة بدون حلول عقلانية أو تشخصية إلا من
بعض الأغنياء كأن يتبرع ببعض الكراسي المتحركة أو بعض المساعدات المادية البسيطة
الوقيتة لأن الدولة لا تملك الإمكانيات للمساعدة الفعالة اللازمة .
* ما هي أشكال الإعاقات ؟
* الصمم أو ثقل السمع
* الشلل بأنواعه
* عدم القدرة على المشي
* صعوبة تلقي التعليم
*صعوبة النطق
* الفهم البطيء
* حب الإنعزالية وعدم الإختلاط
* فقدان البصر
* التأتأة في الحديث
من الطبيعي أن تتراوح هذه الإعاقات من الخفيف إلى المتوسط إلى الشديد . فمثلاً الكراسي المتحركة يجب أن تكون مناسبة جداً للشخص المعاق ، ولهذا تحاول الدول الغنية والمتقدمة
تكنولوجياً إدخال تحسينات عليها مثل أي صناعة عالمية . فالآن يوجد كرسي متحرك بجهاز
تحكم عن بُعد لأن هذا الشخص المعاق لا يُفيده كرسي متحرك عادي لأن إعاقته شديدة .
يبقى السؤال المهم وهو هل تُقيد الإعاقة كل الأشخاص المعاقين ؟ طبعا الإجابة بلا . فمثلا ستيفن هوكنج عالم فيزياء وكونيات ومؤلف كتب علمية ومدير مركز الأبحاث الكونية النظرية في جامعة كمبردج . وما زلت أذكر عندما طلب الرئيس اوباما مقابلته كان الرئيس الامريكي واقفا وهو يتحدث مع هوكنج على كرسيه. ولا بد من ذِكْر الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي الذي كان ضريرا ولكنه تحدى إعاقته وألّف الكثير من الكتب بل وكان عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة ثم مديرها . طبعا كانت زوجته فرنسية الأصل ذراعه الأيمن وبصره الذي يرى به . وهل ننسى الفنانة المغربية كريمة الجعادي التي ترسم بقدميها لوحات فنية لأنها لا تستطيع الرسم بيديها ؟ والقائمة تطول لو أردت ذِكْر مئات الأشخاص الذين أبدعوا بالرغم من إعاقاتهم المختلفة . وما زلت أذكر بعض المعاقين الذين يشتركون في الألعاب الأولمبية ويفوزون بجدارة بالميداليات .
وفي النهاية لا بد على المجتمع كله ايضا أَلاَ يزيد الضغوطات النفسية والعصبية على هؤلاء الأشخاص المعاقين ، بل عليه رفع معنوياتهم ونفسياتهم بكلمات طيبة وبإبتسامات ودودة لكي لا يشعروا بأنهم أشخاص منبوذين وأنهم محل سخرية . ولا شك أن أفراد العائلة لذوي المعاقين واجباتهم كثيرة وحساسة طبقا لوضع المعاق وهم دائما الصف الأول في الرعاية والعناية اللازمتان للمعاق .
بعد كل هذه النماذج المشرفة في تحدي الإعاقة نقول كلمة أخيرة : ” أن الإعاقة في الفكر والروح وليس في الجسد “

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock