الدكروري يكتب عن أئمة التوثيق للحديث والتوثيق للقراءة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الإمام حفص بن سليمان الأسدي، وقد قال الحافظ ابن حجر بأنه متروك الحديث مع إمامته في القراءة، وقال الهيثمي وفيه حفص بن سليمان القاريء وثقه أحمد وضعفه الأئمة في الحديث، وقال المناوي وغيره بأن حفص بن سليمان ابن امرأة عاصم ثبت في القراءة لا

في الحديث، وثالثا وهو بإجماع أهل العلم بأن حفصا وعاصما إمامان في القراءات، ولا يوجد طعن واحد فيهما في الحروف والقراءات والجميع يقرون بإمامتهما في الاقراء وماتعرضوا لعدالتهما أو الطعن بقراءتهما، ورابعا وهو أن هناك فرق بين التوثيق للحديث و التوثيق للقراءة، وقد يكون الإمام متقنا لفن من الفنون ومُبرزا في علم من العلوم لكونه أنفق فيه جل حياته.
واعتنى بطلبه وتدريسه عناية فائقة، بينما يكون مقصرا في فن آخر لعدم إعطائه تلك العناية فيكون عمدة في فنه الذي ضبط معرفته وأتقنه وتنزل مرتبته فيما قصّر فيه، بل قد يكون فيه غير معتمد، وكذلك فإن قواعد إسناد الحديث ليست كإسناد القرآن الكريم، وكم ترى من هو متقن للقراءات حافظا لآلاف الأبيات المتداولة كمتون الشاطبية والدرة والطيبة وغيرها لا يخرم منها حرفا، ويخبرك بأسانيد القرآن ومعرفة الأئمة منهم في القراءة، ومعرفة كل حرف من العشرة بطرقه ثم إن ناقشته في الحديث فلعله لا يستطيع أن يروي لك حديثا صحيحا بإسناده هذا إن لم يخلط في متنه، وأما الضعف في رواية الحديث واختلاط الألفاظ والأسانيد، فكم ممن رأيناهم لا يغادرون حرفا أو حركة من كتاب الله ويحفظ الطرق.
والتحريرات الدقيقة ويسرد المئات من الشواهد الشعرية ويحفظ آلاف الأبيات لمتون القراءات كم من هؤلاء لا يفرق بين حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الصحيح وبين الضعيف ولا يحفظ الأسانيد، بالرغم من كونهم أعمدة في أسانيد القرآن، فشروط رواية الحديث أن يكون راويه عدلا ضابطا، وحفص بن سليمان بالإجماع عدل لكنه ليس ضابطا لذلك ترك حديثه وهناك الكثير من العلماء الأجلاء يكونون ضعافا في الحديث بسبب قلة ضبطهم ولا يقدح ذلك في عدالتهم، وقال عنه أبو بكر بن عياش الأسدي، هو إمام في القراءات أما الحديث فيأتي بغرائب ومناكير، وكذلك عمر بن هارون بن يزيد الثقفي البلخي قال الذهبي في تذكرة الحفاظ، ولا ريب في ضعفه، وكان إماما حافظا في حروف القراءات.
وقال الذهبي في النقاش والنقاش مجمع على ضعفه في الحديث لا في القراءات، وكذلك الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي يقول كان رأسا في القراءات معمرا بعيد الصيت صاحب حديث ورحلة وإكثار وليس بالمتقن له ولا المجود بل هو حاطب ليل، وقد يكون إماما في التفسير ولكنه غير قوي في الحديث مثال الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني قال الذهبي صاحب التفسير وليس بالمجود لحديثه، وقد يكون ثبتا في الحديث ضعيفا في القراءات، وكذلك الأعمش كان ثبتا في الحديث لينا في الحروف والقراءات، قال الذهبي وكان الأعمش بخلافه أي يقصد حفص كان ثبتا في الحديث لينا في الحروف، فإن للأعمش قراءة منقولة في كتاب المنهج وغيره لا ترتقي إلى رتبة القراءات السبع، ولا إلى قراءة يعقوب وأبي جعفر والله أعلم.
زر الذهاب إلى الأعلى