دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الآداب والممنوعات في المسجد

الدكروري يكتب عن الآداب والممنوعات في المسجد
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد وضح لنا النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم أن هناك آداب للمساجد يجب مراعتها، وقد نقل الإمام القرطبي عن بعض العلماء تلخيصا جيدا ، مما ينبغي أن يراعي في الآداب والممنوعات في المسجد فقال وقد جمع بعض العلماء في ذلك خمس عشرة خصلة، فقال من حرمة المسجد أن يسلم وقت الدخول إن كان القوم جلوسا، وإن لم يكن في المسجد أحد قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأن يركع ركعتين قبل أن يجلس، وألا يشتري أو يبيع، ولا يسل فيه سهما ولا سيفا، ولا يطلب فيه ضالة، ولا يرفع فيه صوتا بغير ذكر الله تعالى، ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا ينازع في المكان، ولا يضيق على أحد في الصف، ولا يمر بين يدي مصل، ولا ييصق ولا يتنخم ولا يتمخط فيه، ولا يفرقع أصابعه، ولا يعبث بشيء من جسده.

وأن ينزه عن النجاسات والصبيان والمجانين، وإقامة الحدود، وأن يكثر ذكر الله تعالى ولا يغفل عنه، فإذا فعل هذه الخصال فقد أدى حق المسجد، وقال الحسن البصري أيها المؤمن لن تعدم المسجد إحدى خمس فوائد أولها مغفرة من الله تكفر ما سلف من الخطيئة، وثانيها اكتساب رجل صالح تحبه في الله، وثالثها أن تعرف جيرانك فتتفقد مريضهم وفقيرهم، ورابعها أن تكف سمعك وبصرك عن الحرام، وخامسها أن تسمع آية تهديك، فكان المسجد في عهد سلفنا الصالح وصدر هذه الأمة الوضاء كان منطلقا للجيوش، وكان ملاذا لهم، فإذا ضاقت بهم الهموم واشتبكت الغموم أتوه وانطرحوا بين يدي ربهم، فتنفرج لهم الدنيا، وكان منارة هدى ومعهد تعليم ومدرسة تربية، لكم تعلم فيه الجاهل، واتعظ فيه الغافل، واسترشد فيه الضال، واهتدى فيه المنحرف.

وكان مكانا لإطعام الجائع ومواساة الفقير، فبالله أهل الصفة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أين كانوا؟ كانوا في المسجد، فالمسجد في عهد سلفنا الصالح كان يضج بالبكاء، وتتعالى فيه أصوات التكبير والتسبيح والثناء والألسنة الصادقة بالدعاء، فما أن يدخله الداخل حتى يزداد إيمانه، ويشتد في الحق بنيانه، فكان مدرسة الأجيال وملتقى الأبطال، خرج من بين جنباته المفسر للقرآن العالم به والمحدث والفقيه والخطيب والمجاهد والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجت رحاب المساجد آنذاك قادة الدنيا الذين غيروا وجه التاريخ وأصبحت سيرتهم غرّة في جبين الزمن وأنموذجا لم تعرف البشرية مثله، ولكم أن تسألوا وما هي تلك المساجد العظيمة التي أخرجت هؤلاء العظماء؟

إنها مساجد بنيت من الجريد وسعف النخيل، إنها مساجد بنيت من الطين، قد تجد فيها سراجا ضعيفا وقد لا تجده، إنها مساجد لم تكن مكيفة ولا منمقة ولا مزخرفة، لا، لكن أخرجت أولئك العظماء لأن العبرة بأهل الدار وليس بالدار، فهل من نظرة بعين العبرة لحال مساجدنا ومساجدهم، ما عرف التاريخ في مساجد فيها وسائل الراحة كمساجد الناس اليوم، ولكن أين الخريجون منها؟ وإن للمسجد أثره الفعال في الجانب الروحي والعبادي، ويكفي أنك بمجرد قراءتك لأم الكتاب تفتح بابا لمناجاة ربك، بل إنك حينما تدخل المسجد فإنك تقوم بحرق ذنوبك خمس مرات يوميا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock