فن

السينما والدراما بين المحتوى والمفهوم والنقد للمضمون

بقلمي :جمال القاضي

المفهوم الأساسي للأعمال الدرامية هو عمل يقصد منه غرس المبادئ الأصيلة والعريقة التي تتمتع بها الشعوب مترجمة في صورة أحداث مصورة أو مسموعه أو مقروءة أو معروضة لكاتب يعيش مجتمع تصل فكرتها إلى من يسمعها أو يشاهدها عبر دور العرض المختلفة من دور للسينما أو المسرح أو عبر شاشات التلفاز أو الراديو أو الكتب وغيرها من وسائل الوصول للمشاهد .

لكن المفهوم لها في الوقت الحاضر صار مختلفا فأصبحت وسيلة وطريقة سريعة للتربح دون ماتتركة من آثار سلبية باتت تدمر في طريقها الأخلاق وتهدم معها تلك العادات التي توارثناها من الأجيال السابقة .

فهناك من محتواها ماينحصر وتدور فيه الأحداث والمشاهد في ثلاثة مشاهد ونقاط وكلها ليس لها هدف يصل معه المشاهد من قصد لعرضها .

النقطة الاولى والمشهد الأول المعروض : نساء يظهرن شبه عاريات في مشاهد راقصة تجذب عين المشاهد إليها وتحرك فيه سكون شهواته دون الإهتمام للكلمات أو المحتوى أو المضمون فليس هناك محتوى فيها غير ماتذهب إليه العين وترى بنظرتها الثاقبة إخترقا لتفاصيل الجسد الذي تجسده شخصية الممثلة التي تجسد دورها في المكتوب هذا الدور يعكس إنطباعا سيئا لدى الشباب عن مفهوم المرأة بأنها ليس سوى سلعة رخصية يمكن تداولها ومطاردتها في كل مكان وحين يراها أمامه في الشوارع التي يمضي فيها بطريقه .

ممايجعنا نتسائل عن أسباب التحرش الذي إنتشر في كل المجتمعات والسبب هو ماتعرضه دور العرض من تلك الأفلام الهابطة .

والدليل على ذلك لو رجعنا للوراء بسنوات قليلة نسأل أنفسنا لماذا لم يكن فيها هذا الكم الكثير من دعاوى التحرش ؟ والإجابة في أن الأعمال الفنية القديمة كانت تعكس واقعا حقيقيا لأحداث حقيقية كان يعيشها الكاتب واقعا أو رأها حقيقة لأشخاص يعرفهم وترجمها في صورة فيلما أو ملسلسلا فأحب مشاهدها كل من رآها وقتها ومازالت كذلك بوقتنا الحاضر بنفس جاذبيتها التي عرضت بها من قبل .

النقطة الثانية والمشهد الثاني للمعروض : هو مشاهد نرى فيها تجارة للمخدرات وكيفية تهريبها وكيفية خداع رجال الشرطة ماهو هدفها الذي يقصده الكاتب منها ليس هناك هدفا سوى تعلم الأجيال الحاضرة كيفية الحصول على المال من تلك التجارة أو كيفية تناولها فذهب ابن الفلاح البسيط وابن الغني في تعاطي المخدرات وغرست بدورها أيضا مبادئ رخيصة تعلم منها كل شاب لايرى فرصة للعمل ذاهبا إلى هذا الطريق ليحصل منه على المال فهو يرى بنظره أن المال هو السبيل للوصول إلى السلطة أو النفوذ دون مبالاة لما قد تتركة هذه التجارة الخاسرة من آثار سلبية تدمر بها الأخلاق والأجساد ليصبح شبابنا أشباح تمشي بأجساد تشبه الموتى ولاتقوى على الإنتاج أو العمل فتتخلفت بضعفهم الشعوب .

النقطة الثالثة والمشاهد الأخيرة : هي مشاهد نراها من قتل أو سرقة أو سطو

فهذه المشاهد غرست مفهوما غريبا وهو أن الروح البشرية ليس لها ثمن في نظر المشاهد فيذهب مقلدا لما يراها واقعا حين التشاجر مستعرضا للقوته ومقلدا لأحد الفنانين ليهابه الغير فإنتشر القتل والسرقة والسطو في السنوات الأخيرة وليس هناك سببا أخر سوى مارسخ من مشاهد في العقول الضعيفة.

ومقارنة بين الماضي والحاضر : فهي مقارنة بين الكاتب هناك والكاتب هنا الكاتب فيما مضي كما ذكرت هو كاتب يلتزم في كتابته بمعاير الكتابة للرواية أو تصوره للأحداث بوقتها فكانت تشبه وتتوافق مع الواقع الذي كان يعاصرة حينها فصدق العمل وصدق المضمون ووصل الهدف مما كتبه رغم الكسب القليل فكان الهدف هو الشهرة أولا وليس المال .

أما كاتب اليوم فهو كاتب مختلف منتجاته الفنية جميعها كانت مجرد فكرة تخيلها حين جلس مع خياله عند تناوله كوبا من قهوته وليس مما يكتبه هدفا سوى أن يسأل نفسه ويجيب هل هذا المنتج لما أكتبه يحقق ماأتخيلة من المال أم لا ؟ ومن هي الممثلة ذات الجسد الجذاب التي تقوم بدور البطولة ؟ وماهي المشاهد العارية التي بها يمكن جذب المشاهد ليصبح العمل ناجح في نظره ؟ وغيرها فسقطت معها وبها الأخلاق وإنتشر معها مانراه اليوم حتى أنها عكست مفهوما مختلفا لهذه المشاهد جميعها بأن الشعب الذي قام مؤلفه بكتابة مثل هذا العمل السينمائي هم أشخاص بعاداتهم وتقاليدهم ومايشاهدون من مشاهد هي عادات واقعية لتلك الشعوب وتتشابه معها بالمعروض وإن ذهبت لتقنعهم بأن الشعوب بأخلاقها لاتشبه مايرون لايمكن إقناعهم بذلك .

فما الطريقة للتصحيح ؟ الطريقة الوحيدة هي العودة للوراء في أسلوب الكتابة بكتابة قصصا واقعية تعيد إلى المشاهد واقع الريف وواقع العادات الأصيلة وواقع أشخاص نغرس بها في عقول شبابنا مانشأ عليه من سبقنا من عادات أصيلة لإحترام المرأة وإحترام السن وإحترام الغير وتوقير كل من له مكانة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock