مقالات

وقفه مع الصدق مع الله ومع النفس ” الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ما أحوجنا إلى أن نصدق مع الله قولا وفعلا، ظاهرا وباطنا، قصدا وإرادة، وأن نسير حياتنا ومناهجنا وتصرفاتنا على هذا المنهج المرتضى لنبوء بالمغفرة والرضوان في الآخرة، وبالسعادة والحياة الطيبة في هذه الدار، فإن الصدق مع الله عز وجل هو الذي يبعث على الافتداء بكل غالى ورخيص في سبيل رضوان الله عز وجل ومحبته ونصرة دينه مهما كانت التضحية ومهما كان الثمن غاليا فالصدق مع الله عز وجل هو الذي دفع بطلحة أن يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد حتى شُلت يده رضي الله عنه، والصدق مع الله هو الذي دفع بسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد، وكان يناوله النبل ويقول “ارمى ياسعد، فداك أبي وأمي” والصدق مع الله هو الذي حدا بأبي طلحة أن يستبسل في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون محيطون به وأبو طلحة يقول “يانبي الله، بأبي أنت لا تشرف إلى القوم ألا يصيبك منهم سهم، نحري دون نحرك”

أي جعل الله نحري دون نحرك، وهذا الشأن هو الذي دفع بالسيده أم عمارة، نسيبة بنت كعب رضي الله عنها في أحد أن تذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وترمى بالقوس وتصاب بجراح كثيرة، والصدق مع الله هو الذي جعل أبا دجانة يُترّس بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقع النبل في ظهره وهو منحنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كثر فيه النبل، فهكذا هو الصدق مع الله ومع النفس، وقد أمر الله تعالى بالصدق في عدة آيات، وأثنى على الذين يرعون العهد والأمانات، وأخبر بما لهم من الثواب الجسيم، ولقد أنزل الله تعالى في شأن الصادقين معه آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فقد ثبت عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن عمه أنس بن النضر لم يشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك على قلبه، وقال أول مشهد شهده رسول لله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، أما والله لئن أراني الله مشهدا مع سول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع.

قال فشهد أحدا في العام القابل فاستقبله سعد بن معاذ، فقال يا أبا عمر إلى أين؟ فقال واها لريح الجنة، إني أجد ريحها دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون ما بين رمية وضربة وطعنة، فقالت أخته الربيع بنت النضر، ما عرفت أخي إلا بثيابه، أو ببنانه، فنزلت هذه الآية “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ” وإن الصدق مع الله والإخلاص له وحده له سر عجيب في هذه الدنيا وفي الآخرة، فالحذر الحذر من التعامل مع الله بالرياء والكذب، والنفاق والعياذ بالله، وإنه يجب عليك الصدق في أي مكان وفي أي عمل كنت، إن كنت داعية فاصدق الله، وإن كنت كاتبا فاصدق الله، وإن كنت حارسا فاصدق الله، وإن كنت مجاهدا فاصدق الله، وإن كنت موظفا فاصدق الله، مهما كانت وظيفتك فاصدق الله، فان الصدق أصل البر، والكذب أصل الفجور، فعن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال” عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة.

ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فان الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا ” رواه البخارى ومسلم، وإن من أهم صفات المسلم التي أمر الله تعالى بالتحلي بها الصدق، فيقول الله سبحانه وتعالى فى سورة التوبة ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” ويقول سبحانه وتعالى أيضا فى سورة الأحزاب ” والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ” وإن الصدق يكون في كل أمر من أمور الحياة، ولا يقتصر على الصدق فى كلام الناس وأحاديثهم المعتادة، وقد استخدم لفظ الصدق في الكتاب والسنة في معان أخرى عظيمة غير الصدق في كلام الناس وما يتبادلونه من أخبار، فهناك أولا الصدق في إيمان العبد بهذا الدين ابتداء.

وفي نطقه بالشهادتين، فلابد أن يكون صادقا فيما بينه وبين ربه في ذلك، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال “ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار” رواه البخارى ومسلم، ولقد أمر الله بالصدق في عدة آيات، وأثنى على الذين يرعون العهد والأمانات، وأخبر بما لهم من الثواب الجسيم، فقال تعالى فى سورة المائدة ” هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدى إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق, حتى يكتب عند الله صديقا ” فأخبر النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أن الصدق يهدي إلى البر, والبر، اسم جامع لكل خير وطاعة, وإحسان إلى الخلق، والصدق عنوان الإسلام، وميزان الإيمان, وعلامة الكمال، وإن لصاحبه المقام الأعلى عند الملك المتعال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock