دين ودنيا
اغتنام فضائل الأوقات

بقلم فضيلة الشيخ محمد رجب
الحمدُ لله أحْصَى كُلَّ شيءٍ وعلِمَه وأتقنَ ما صنَع وأحكمَه
أحمده وأشكره على ما وهبَ من العلم وفهَّمَه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
شهادةَ مَنْ عرَفَ الحقَّ والتزمَه وأشهد أن نبيَّنا وشفيعنا محمدًا عبدُه ورسولُه صدعَ بالحق وأسمعَه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ممن عزَّره ووقَّرَه وكرَّمه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا
أما بعد

فاتقوا الله عباد الله حقَّ تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. عباد الله يعيش المرء عمرًا مقدرًا له منذ الأزل في هذه الحياة السريعة الزوال لا يتقدم عليه ولا يتأخر
وهذه حقيقة لا يجهلها أحد من الناس إنما الذي يجهله الكثير هو قيمة العُمر الذي يعيشه
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
وإن كثيرًا من الناس لا يبالي أكسب عمره وزمانه أم خسره لعدم إدراكه قيمةَ الوقت وأنه إن فات لا يُعوَّض بحال فعمرك أيها الإنسان هو أنْفَسُ ما تملكه في هذه الحياة
والوقتُ أنْفَسُ ما عُنِيتَ بحِفْظِه وأراهُ أسْهَلَ ما عليكَ يَضِيعُ؟
فإن سوَّفْت لأمر المستقبل فإن التسويف وهْمٌ حاضر لأنك لا تدري هل تدرك المستقبل أم لا
فكان عليك الحرص على وقتك وحينك.
ما مَضَى فاتَ والمؤمَّلُ غَيْبٌ ولكَ الساعةُ التي أنت فيها
فاحرص على استغلال ساعتك التي تعيشها بما ينفعك في دينك ودنياك
فهؤلاء أرباب المال والأعمال يحرصون على استغلال أوقاتهم في عمارة الدنيا وإنجاز الأعمال
فلا يضيعون شيئًا من الوقت لتحقيق مكاسبهم
وهذا أمر مطلوب لعمارة الدنيا وتحقيق المصالح
إلا أن هذا ليس هو كل ما ينبغي الحرص عليه
فبقاء المرء في الدنيا ليس فقط لعمارتها
بل لعمارة الحياة التي سيُقْدِم عليها إن عاجلًا أو آجلًا
لأن الدنيا في حقيقتها مَعْبر وممرّ للدار الآخرة
فالمرء في دنياه يمخر في سَفَرٍ جادٍّ
والمسافر لا بد له من التزوُّد لطريق دار المقامة الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ
فدار المقامة هي دار الإقامة التي لا نقلة معها عنها ولا تحول
لا يصيبهم فيها تعب ولا وجع ولا لغوب وهو..العناء والإعياء.
وهذا ما أمرنا به الحق سبحانه بقوله: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
فالعمل لدار المقامة هو الأساس من الحياة الدنيا
