مقالات

عوشة وحقوق المرأة

بقلم د/ شيرين العدوي

هذه الحلقة الأخيرة في سلسلة عوشة بنت حسين. أول امرأة تكتب في محيطها الإماراتي، رائدة في مجال التجارة. أثرت كثيرا في مجتمعها وألهمته، وللآن يبجلها الصغير والكبير. أول امرأة إماراتية يذكر اسمها صراحة في إذاعة صوت العرب وتحييها مصرعلى وطنيتها وعروبتها من أجل خطابها الوطني للزعيم جمال عبد الناصر وذلك أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، بل إنها استقبلت مندوب عبد الناصر في بيتها للاطلاع على أحوال الخليج وموجة التحرر التي عمت البلاد. وكان بينها وبين الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله مراسلات تنبئ بعظم مكانتها وتقديرالملك لها حتى إنها في رحلتها للحج وكانت قد طلقت من زوجها استقبلها وفد من قبله عند وصولها، ولم تكن هذه المراسلات مقتصرة على الملك فيصل وحده وإنما شملت ملوك وزعماء الوطن العربي كله، فضلا عن الأسرة المالكة في الإمارات، فكانت زعيمة في وطنها. وقد وثقت د/ رفيعة غباش ابنتها هذه المراسلات في الكتاب الذي كتبته عنها بخطوط الزعماء والملوك أنفسهم وأختام الدول.

قدمت عوشة في مجال حقوق المرأة نموذجا لقوة المرأة وقدرتها في الدفاع عن قناعاتها مع صغر سنها. ويحكى أنه تقدم لها شاب من أسرة مرموقة في عجمان وكان عمرها 17 عاما آنذاك ، فوافق والدها دون استشارتها وأقيم العرس وعندما هم العريس بالدخول لمنزل العروس حملت بندقيتها وأطلقت النارفي حوش المنزل اعتراضا ورفضا، وأرسلت من يقول للعريس: إنه إذا دخل فستقتله. كما قامت وبكل جرأة برد كل مجوهراته وحليه مع أحد أقاربها. وكان رفضها تحدّيا لقيم وعادات لا يقبلها عقل الإنسان الحر. وفي قصة زواجها من رجل “أميّ” قوي وغني وهو “عبيد بن غباش” إشارة إلى أنها لم تكن على وفاق معه منذ اليوم الأول ورغم ذلك أنجبت منه البنين والبنات وشاركته ككاتبة ومستشارة لكل أعماله التجارية فكانت تحرر العقود والمراسلات بينه من ناحية وبين التجار من ناحية أخرى. ومع تفاقم المشاكل طلبت عوشة الطلاق، وغادرت منزل زوجها مرفوعة الرأس بأبنائها إلى منزل قريب من منزل الزوجية حتى لا تحرم الأبناء من أبيهم . ومارست التجارة مع الهند وإنجلترا وغيرها من دول العالم وسافرت إلى هناك، وتعلمت ركوب السيارات في وقت كانت تمنع فيه المرأة من مجرد الحديث، بل وكانت تقود السيارة بأبنائها في مزرعتها والصحراء وحتى في رحلاتها للحج. واستقبلت في منزلها النساء والرجال وحكماء الدولة لتتبادل معهم الرؤى والأفكار حول الشؤون السياسية والاقتصادية وكان يؤخذ برأيها. لقد دعمت كل نساء مجتمعها، وساعدتهن على استرداد حقوقهن الشرعية من الرجال الذين لم يقوموا بواجباتهم المنصوص عليها دينيا ومجتمعيا، فدعمت كثيرا من النساء وعاونتهن في شراء منازل تؤويهن بعد انفصالهن أو هجرهن، كما طالبت الحكومة بدعمهن اقتصاديا. ولا ننسى وقفتها الرائعة إلى جانب تعليم المرأة حتى وإن تقدمت في العمر .

وكان رأيها في قضية حقوق المرأة ” إنه من التخلف أن يعلمنا أحد حقوقنا؛ فالحقوق يملكها الإنسان بكونه إنسانا وحيثية وجوده الإنساني، والإنسان الذي يعي حقوقه ويمارسها يعرف كيف يتعامل معها أخذا وعطاء”. مسك الختام: “من لم يمت بالعشق مات بفقده”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock