مقالات

الدكروري يكتب عن الفضائل والقيم الإنسانية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الاحترام هو أحد الفضائل والقيم الحميدة التي يلتزم بها الإنسان، بحيث يقدّم التقدير والعناية والالتزام تجاه شخص أو شيء أو قيمة ما، وهذه الفضيلة هي إحدى أهم القيم التي أولى لها الإسلام عناية خاصة وأعطاها مكانة كبيرة، وقد ظهرت هذه القيمة في العديد من المواقف في تاريخنا الإسلامي، ومن ذلك مخاطبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لملك الروم حين أرسل إليه رسالة يدعوه بها إلى الدين الإسلامي تبدأ بقوله “من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم” فقد حرص نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على إنزال الناس منازلهم واحترامهم وتقديرهم، وقد احترم الإسلام الذات، ويُقصد به احترام الصورة الذهنية التي يمتلكها الإنسان عن نفسه، فقد أكد الدين الإسلامي على ضرورة احترام الذات في مواضع كثيرة منها تحريم ارتكاب الذنوب، والسيئات، والمعاصي التي تقلل من احترام الشخص لذاته مثل شرب الخمر، وتعاطي المخدرات.

وكذلك الزنا، بالإضافة إلى تأكيد الإسلام على ضرورة العناية الشخصية بالشكل، والنظافة، والالتزام بالهندام الحسن، وقد جاءت تشريعات الإسلام تحث على ضرورة حفظ كرامة الإنسان، من خلال التوصية بمعاملة الآخرين أحسن معاملة واحترامهم، وعدم التطاول أو الاعتداء عليهم، وكذلك احترام الوالدين، فقد أكد الإسلام على ضرورة احترام الوالدين والإحسان إليهما والاعتناء بهما، وكذلك احترام المرأة، فقد جاء الإسلام لدحض كل الأفكار التي كانت شائعة عن المرأة آنذاك من أنها مخلوق غير بشري، وأنها مخلوق خُلق لخدمة الرجل، وبأنها مخلوق لا قيمة له يُباع ويُشترى كأي سلعة أخرى، ومن المعروف بأن العرب قديما كانو يئدون البنات وهن على قيد الحياة، أما الإسلام فقد جاء وكرّم المرأة وأعطاها حقوقها في الميراث، والاحترام وأكد في العديد من النصوص والتعاليم على ضرورة معاملتها أحسن معاملة، واتباع أسلوب الرفق والحب معها. 

لأنها كائن رقيق وضعيف، وكذلك حث الإسلام على احترام المجتمع، ومن ذلك احترام الصغير، والكبير، واحترام المجلس الذي يجلس فيه الناس، ومن صور احترام المجتمع أيضا تحريم الغيبة، والنميمة، والهمز، واللمز وكل ما من شأنه تمزيق أوصال المجتمع وترابطه، وكذلك احترام العلماء وتقديرهم، فقد رفع الإسلام قدرهم وأمر باحترامهم وتقديرهم، وأيضا احترام غيرالمسلمين من خلال احترام إنسانيتهم وآدميتهم، وكذلك احترام دينهم وعدم الاعتداء عليهم ولا على معابدهم، ولا على أعراضهم، وكذلك احترام الأمراء والولاة الذين يتولون أمور المسلمين، ويعرف الاحترام بأنه قيمة إنسانية عامة اهتمت بها البشرية، وأعطاها الإسلام مكانة كبيرة، حيث جعلها تشمل العلاقات التي تربط المسلمين بغيرهم، كما شملت العلاقات الاجتماعية، والمجتمع، ويقوم احترام الإنسان على احترام حقوقه المعنوية، مثل كرامته، وحريته، واختياره لديانته. 

لذلك يرفض الإسلام اضطهاد الآخرين على أساس فكرهم، أو دينهم، أو مذهبهم، بالإضافة لاحترام حقوقه المادية مثل جسده، وماله، فقد أمر الإسلام باحترام الآخرين، ومن صور ذلك احترام الصغير فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام “أتأذن لى أن أعطى هؤلاء؟” فقال الغلام والله، يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده” رواه البخاري، ومن صور احترام الصغير هو القيام له، مما يدل على الحرص على مشاعرهم واحترامهم، بالإضافة لزيادة شعورهم بالثقة بأنفسهم، وكرامتهم، كما أنه سيبني معاني الرجولة لدى الفتيان منهم، مما سيمنعهم عن ارتكاب الأخطاء، والوقوع في المعاصي، وكذلك احترام الكبير فقد أمرنا الإسلام باحترام الكبير.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا” رواه الترمذي، أي بمعنى أنه ليس من أخلاقنا أن لا يحترم الكبير أو يعطى حقه، ومن احترام الكبير الحياء منه، وكذلك أيضا احترام المجتمع فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال “لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه” رواه البخارى، ولا يقتصر تقديم الاحترام علي بعض الأشخاص في المجتمع فقط ولكن يجب إحترام كافة طبقات المجتمع دون الاهتمام بأصحاب المراكز الغالية والثروات فقط، ولكن يجب الاهتمام بنشر الاحترام والتقدير بين فئات المجتمع ،إلي جانب ذلك فإن إحترام الذات يترتب عليه إحترام الأخرين أيضا فعندما يحترم الإنسان نفسه فإنه يكون محبوبا من الأخرين، ولقد أمرنا الدين الإسلامي بضرورة إحترام الصغير والكبير وإحترام المجتمع ككل. 

وقد ذكر ذلك في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة وقد إهتمت جميع الأديان السماويه بإحترام الإنسان وذلك لأن هذه القيمة هي التي تجعل للانسان قدر في المجتمع وهي من تساعده على تقوية علاقته بالأخرين من حوله وهو ما يؤدي إلى نشر الحب وتقدم المجتمع وتطوره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock