مقالات

الدكروري يكتب عن من أكبر الكبائر

الدكروري يكتب عن من أكبر الكبائر
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن صلاح العالم يكون بالأخلاق القرآنية، والقيم الإسلامية، والمبادئ النبوية، من الحب والود والإيثار والإحسان، والرحمة واللين، والعفو والصفح والتسامح وما لا نهاية له من الأخلاق الكريمة وهذه القيم والمبادئ العالم كله يحتاج إليها، ولو بحث عنها العالم فلم يجدها إلا في القرآن الكريم، ولم يجدها إلا في معارض القيم الإلهية، فالبشرية كلها تحتاج إلى من ينزع الأحقاد، وينزع الشرور، ويزيل فتيل البارود الذي في الصدور، ولن يكون ذلك إلا في نور الله، وفي نور كتاب الله، وفي نور رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروي لنا أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه سئل عن الكبائر فقال “الكبائر الإشراك، بالله وعقوق الوالدين.

وقتل النفس، وشهادة الزور” فإن هذه أكبر الكبائر عند الله تبارك وتعالى، ولهذا الصحابة رضي الله عنهم، وأرضاهم كانوا يربون صغارهم على تعظيم أمر الشهادة، وعدم الاستهانة بها، والخوف منها، فيروي إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال “خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” قال صلى الله عليه وسلم “ثم يأتي قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته” أي يأتى أناس يستخفون بأمر الشهادات لا يبالي الواحد بأن يشهد في أي أمر كان، يبادر بإطلاق الحلف والأيمان ويقسم بالله تعالى على أمر ربما لم يره ولم يسمعه “ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته” ويقول إبراهيم النخعي الذي يروى الحديث.

قال “وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد” وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، يضربوننا ونحن صغار على الشهادة والعهد حتى لا نستهين بها، حتى لا نتساهل فيها، وكانوا ينهون صغارهم عن الشهادات، حتى لا ينشأ الصبى مستسهلا لهذا الأمر، مستخفا به بل ينشأ معظما لأمر الشهادة، يعلم أنها أمر عظيم عند الله تبارك وتعالى، فلقد عرف الصحابة وأدركوا أمر الشهادة وخطر شأنها وعظم ضررها إن هي انحرفت عن مقصودها وخرجت عن مرادها، وقيل أنه في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، واليا على الكوفة، فجاء أهل الكوفة إلى عمر يشتكون سعدا، وكان أهل الكوفة لا يرضون عن أحد، حتى إنهم شكوا إلى عمربن الخطاب.

أن سعدا لا يحسن الصلاة، فجاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه بسعد وقال له “يا أبا اسحاق، إن أهل الكوفة قد شكوك إلي، حتى إنهم قالوا إنه لا يصلح يصلي” فقال سعد رضي الله عنه وأرضاه “أما إنى والله لأصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم منها شيئا” فقال عمر بن الخطاب ” فذلك الظن بك” لكن عمر كان يتحرى العدل، وكان لا يكتفي بقول الولاة أو حكايتهم عن أنفسهم، فأرسل رجلا أو رجالا مع سعد رضي الله عنه، إلى الكوفة فأخذوا يطوفون على مساجد الكوفة مسجدا مسجدا يسألون الناس عن سعد، فكلهم كانوا يثنون عليه خيرا، حتى جاؤوا إلى مسجد لبني عبس، فقام فيه رجل يدعى أسامة بن قتادة ويكنى بأبي سعدة، وقال.

“أما إذ نشدتنا، فإن سعدا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية” لا يسير بالسرية أى لا يخرج مع الجيش ليقاتل، ولا يقسم بين الناس بالسوية أى بالتساوى، فقال سعد رضي الله عنه وأرضاه “أما والله لأدعون بثلاث، اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا، قام رياء وسُمعة، فأَطل عمره، وأطل فقره، وعرّضه للفتن” فإن هذا الرجل قام يشهد شهادة أمام رسل عمر بن الخطاب الذين أرسلهم لأجل أن يتثبتوا من شأن سعد رضى الله عنهما، فقام يشهد شهادة يدعي أنها شهادة لله وهو كاذب فيها وهو شاهد زور، فدعا عليه سعد بهذه الثلاث دعوات “أطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن” فكان هذا الرجل بعد ذلك يقول “شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد” فيقول راوي الحديث عبد الملك.

“فأنا رأيته بعد، قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبر، وإنه ليتعرض للجواري أى للفتيات في الطرق يغمزهن” أى يعاكسهن، فهو مفتون أصابته دعوة الرجل الصالح، بسبب ماذا؟ بسبب شهادة الزور التي شهد بها.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock