دين ودنيا

الدكروري يكتب عن القضاء علي مظاهر الفساد

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

إن الفساد في المجتمعات يؤدي إلي إعاقة النمو الاقتصادي مما يقوض كل مستهدفات خطط التنمية طويلة وقصيرة الأجل، وكذلك إهدار موارد الدولة أو على أقل تقدير سوء إستغلالها بما يعدم الفائدة المرجوه من الإستغلال الأمثل، وأيضا هروب الإستثمارات سواء الوطنية أو الأجنبية لغياب حوافزها، وكما يؤدي إلي الإخلال بالعدالة التوزيعية للدخول والموارد وإضعاف الفعالية الاقتصادية وإزدياد الهوة بين الفئات الغنية والفقيرة، واضعاف الإيرادات العامة للدولة نتيجة التهرب من دفع الجمارك والضرائب والرسوم بإستخدام الوسائل الإحتيالية والإلتفاف على القوانين النافذة، وأيضا التأثير السلبي لسوء الإنفاق العام لموارد الدولة عن طريق اهدارها فى المشاريع الكبرى بما يحرم قطاعات هامه مثل الصحة والتعليم والخدمات من الإستفادة من هذه الموارد.

وأيضا تدني كفاءة الإستثمارات العامة وإضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة بفعل الرشاوي التي تدفع للتغاضي عن المواصفات القياسية المطلوبة، وإنه لن يقضى على مظاهر الفساد في المجتمعات الإسلامية إلا من خلال منظومة ضوابط مناهضة لكل أشكال الفساد في إطار القانون، وسن التشريعات التي تخفف من تغلغل ذلك الفساد في تفاصيل حياتنا، وتأتي هذه الآية في سورة آل عمران بعد الحديث عن ميلاد نبى الله عيسى عليه السلام وطبيعته، وأنه عبد الله، خلقه من تراب كما خلق آدم عليه السلام فلا يستقيم لأهل الكتاب أن يتخذوا غرابة ولادته دون أب ذريعة لرفعه عن مرتبة البشر إلى درجة الألوهية، فختم الله سبحانه وتعالى هذا الحديث بتلك الآية التي يقرر فيها إجمالا ما قرره سابقا تفصيلا، وهو حقيقة التوحيد لله عز وجل.

وأنه سبحانه المتفرد بالعبودية والألوهية، وأنه إذا تولى أهل الكتاب عن تلك الحقيقة بعد بيانها، فإن الله عز وجل عليم بهم، لكن العجيب في الآية، والذي يستحق أن نتوقف عنده كثيرا هو التعبير بالمفسدين في قوله تعالى ” فإن الله عليم بالمفسدين” فقد كان يستقيم أن يقول بالمشركين، أو بالظالمين، أو بالفاسقين، ونحو ذلك، ولكن التعبير بالمفسدين يضيف معنى زائدا، لم يكن ليتقرر بغيره من التعبيرات، وهو أن المشرك مفسد في الأرض، وأن الشرك فساد في الأرض، وأن الأرض ضائعة مطموسة بالفساد والهلاك في ظلال الشرك، وهذا المعنى هو المنصوص عليه في قوله تعالى ” لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا” فعلى أحد التفسيرين، الكون يفسد باتخاذ آلهة مع الله، السموات والأرض لا تقومان ولا تنصلحان وفيهما الشركز

وكيف لا ” وله أسلم من فى السموات والأرض طوعا وكرها” فكيف يكون كل من فيهما قد أسلم لله، ثم يأتي البشر بالشرك، فتنصلحان له؟ وكيف لا، وقد خلقهم الله لعبادته، فعبدوا غيره، وكيف لا، وقد خلقهم ورزقهم، وله مُلك كل شيء، وإن من أشكال الفساد أيضا هو دفع الأموال غير المستحقة للحصول على مقاعد دراسية، أو للحصول على ترقيات مهنية سريعة، أو للانتقال إلى قاضي آخر لعكس قرار المحكمة وما إلى ذلك، وإن الفساد الضخم يؤثر تأثيرا سلبيا مباشراً وطويل الأمد، ويمارس هذا النوع من الفساد بعض المسؤولين ممن لهم مكانة عالية في المجتمع، ومن الأمثلة عليه اختلاس الأموال التي كان الهدف منها إنشاء المشاريع التي تخدم عامة الناس، ومنح العطاءات والوظائف لأناس غير مؤهلين، واستقبال المشاريع السيئة أو غير المكلفة، وما إلى ذلك.

وكما على الصعيد السياسي يؤدي الفساد إلي تشويه الدور المطلوب من الحكومة بشأن تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق مستهدفات خطط التنمية، وانهيار وضياع هيبة دولة القانون والمؤسسات بما يعدم ثقة الأفراد فيها، واضعاف كل جهود الإصلاح المعززة للديمقراطية بما يتزعزع معه الاستقرار السياسي، وإقصاء الشرفاء والأكفاء عن الوصول للمناصب القيادية بما يزيد من حالة السخط بين الأفراد ونفورهم من التعاون مع مؤسسات الدولة، وإعاقة وتقويض كافة الجهود الرقابية على أعمال الحكومة والقطاع الخاص.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock