دين ودنيا

وقفه مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر “الجزء السابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “لمّا خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي” رواه البخاري ومسلم، ومن رحمته سبحانه وتعالى أن عدد الرحمات ففي الدنيا جعل لها رحمة واحدة من باب الابتلاء فلا يذهب إليها إلا مؤمن، وأما الآخرة فقد انتهى العمل وعظم الخطب وبلغت القلوب الحناجر ولم تبقى إلا رحمة أرحم الراحمين فكانت تسعة وتسعون رحمة فمن لمي يصب منها شيئا فهو شقي، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة.

كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة” رواه مسلم، ومن رحمة الله عليك أن يضع الله في قلبك رحمة على الضعفاء فإن هذا علامة الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول “لا تنزع الرحمة إلا من شقي” رواه الترمذي، ولذا لما أتى الإعرابي وتفاجأ أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يقبل صبيا، صرح بأنه ليس لهم عندنا مثل ذلك فكان الرد كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت جاء أعرابي إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال تقبّلون الصبيان فما نقبلهم.

فقال النبى صلى الله عليه وسلم “أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة” رواه البخاري ومسلم، فمن لم يكن له ميل إلى رحمة الضعفة والمساكين فقد نزع منه رحمة ربما لا تدركه بعدها رحمة الله لا في الدنيا ولا في الآخرة بل أن الأمر أبعد من ذلك فقد ربط الله رحمته وتحققها للمرء بأن يحققها هو مع الناس، فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخاري ومسلم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فكان أمر العصاة في دائرة اهتمامه ويفرح كما يفرح الله بتوبة عبده ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية من سورة الزمر.

” قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ” رواه أحمد، فإن الكل تحت رحمة الله فما تبقى غير العمل والعمل والتوفيق إليه من رحمة الله، بل إن الرحمة لتدرك لمن أحسن إلى حيوان وهى عبودية الرحمة كيف توصل الإنسان إلى الرحمة العظمى يوم الدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به” رواه البخاري ومسلم، فهى أسقت كلب أعزكم الله، فيا أهل المال والاقتدار اسقوا بشرا رحمة تقدمها بين يديك يوم الظمأ والحر والفزع الأكبر، فلقد علم البشر بل حتى الحيوان أن الرحمة.

لتفيض من النبي صلى الله عليه وسلم على كل من حوله فهذه حمرة طائر فجعت بفراخها فلم تجد من يغمد جراحها إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حمّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تفرش جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال “من فجع هذه بولدها؟ ردّوا ولدها إليها” ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال “من حرق هذه؟ قلنا نحن، قال “إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار” رواه أبو داود، فمن علمها أن هذا إمام البشر جميعا عطفا ورحمة إنه البارئ عز وجل، بل أنه صلى الله عليه وسلم ليقدم عبودية الرحمة حتى وإن كان على حساب عبوديات أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock