دين ودنيا

وقفه مع واذكروا الله كثيرا “الجزء الخامس “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع واذكروا الله كثيرا، فإن ذكر الله هو جنة الموحدين، ونور قلوب المتقين، وعلامة على صدق اليقين، وهو ملاذ الوجلين، وراحة قلوب المخلصين، ولأن الذكر حصن حصين من الشيطان عدو أهل الإيمان، فمن عمله مع أهل الغفلة ما حكاه ربنا عز وجل، فقال تعالى فى سورة المجادله “استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون” فعمله هو الإشغال عن الذكر لما يعلم من منزلته العظيمة، وأن الذكر سبب من أسباب التظلل في ظل الله يوم القيامة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله” ومنهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.

وإن أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبها إلى الله ذي الجلال ذكر الله تعالى، روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم” قالوا بلى يا رسول الله، قال “ذكر الله تعالى” فالذاكرون الله تعالى هم السباقون في ميدان السير إلى الله والدار الآخرة، وهؤلاء عباد الله هم الذين أعد الله لهم النزل الكريمة والثواب العظيم، فذكر الله هو حياة القلوب، فلا حياة لها إلا به، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت” وليس للقلوب قرار ولا طمأنينة ولا هناءة ولا لذة، ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى، وذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرح بعد الغم والهم، وهو تفريج الكربات، وتيسر الأمور، وتحقق الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، وما عولج كرب ولا أزيلت شدة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في الكرب “لا إله إلا الله العظيم، لا إله إلا الله الحليم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم” ويقول عليه الصلاة والسلام “دعوة ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله كربه”

وإن ذكر الله هو جالب للنعم، جالب للنعم المفقودة، وحافظ للنعم الموجودة، فما استجلبت نعمة وما حفظت نعمة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، وذكر الله جل وعلا محط الأوزار وتكفير السيئات ورفعة الدرجات، وعلو المنازل عند الله تبارك وتعالى، فما حُطت الأوزار بمثل ذكره سبحانه، فقد روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تبارك وتعالى” وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال “من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر” وذكر الله تعالى غراس الجنة فما غرست الجنة بمثل ذكره، يقول عليه الصلاة والسلام “من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة” رواه الترمذي.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال”لقيت إبراهيم الخليل ليلة أسري بي فقال لي يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأنها طيبة التربة عذبة الماء وأخبرهم أن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر” وإن ذكر الله كلمات خفيفة على اللسان لاتكلف العبد جهدا، ولا يناله منها مشقة، إلا أن لها ثواب عظيم وأجر جزيل، وهي حبيبة إلى الله عز وجل، فقد روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم” وذكر الله جل وعلا هو الطارد للشياطين والمخلص من وساوسها وشرورها وكيدها وحبائلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock