أخبار مصر

الدكروري يكتب عن الجيران وسلامة القلب

الدكروري يكتب عن الجيران وسلامة القلب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم السبت 21 اكتوبر ٢٠٢٣ م

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، إنه رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن الناس تعليما لا يعنف ولا يجرح المشاعر حينما يعلم الناس، أخطأ أحدهم في صلاته فعلمه بيسر، فقال الرجل والله ما رأيت معلما أحسن من رسول الله صلي الله عليه وسلم والله ما كهرني ولا نهرني، وإنما قال “إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس” ودخل أعرابي فبال في المسجد فقام الصحابة لينهروه فقال الرسول صلي الله عليه وسلم “دعوه” فلما فرغ ناداه وقال له ” إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، إنما هي للصلاة، وقراءة القرآن” فصلوات ربي وسلامه عليه، وإنه رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يخدع أحدا.

ولم يكذب في حديث أبدا حتى في الجاهلية كان يلقب بالأمين، يحفظ الأمانة ولا يخونها، صادق في معاملاته حتى مع المخالفين، فعجبا ممن يزعم محبته وهو خائن الأمانة، ناقص الديانة، يخون الأمانة التي أوكلها له ولي الأمر عبر الحيل والغش والخداع، وإنه رسول الله صلي الله عليه وسلم إمام الصابرين، جرت عليه صنوف المحن، وذاق في حياته ألوانا من الابتلاءات، ولكنه لم يتزلزل لحظة واحدة، فتعرض صلي الله عليه وسلم للاغتيال نحو ثلاث عشرة مرة، فصبر، خنقوه عند الكعبة، وضعوا على ظهره النجاسات وهو يصلي، فصبر، تكلموا في عرضه، وصفوه بالكذب والجنون والسحر، فصبر، حاصروه، رجموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه، فصبر، عذبوا أصحابه أمامه، فكان لا يملك لأن ينصرهم بشيء إلا كلمات التثبيت.

فإن رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم مدرسة للصبر، فيا من سار في طريق الدعوة إلى الله، البس ثياب الصبر، وإن من الإحسان إلى الجيران سلامة القلب عليهم، وحب الخير لهم، ففي البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” والذى نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه” وفي هذا تأكيد حق الجار، وأن الذي لا يحب لجاره ما يحب لنفسه من الخير، فإنه ناقص الإيمان، وفي هذا غاية التحذير ومنتهى التنفير عن إضمار السوء للجار قريبا كان أو بعيدا، وإن من الإحسان إلى الجار الحرص على بذل الخير له قليلا كان أو كثيرا كما قال الله تعالى فى سورة الطلاق ” لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا”

وإن الحق الثانى للجار، هو احتمال أذى الجار، فللرجل فضل في أن يكف عن جاره الأذى، وله فضل في أن يذود عنه، ويجيره عن أيد أو ألسنة تمتد إليه بسوء، وله فضل في أن يواصله بالإحسان جهده، وإن هناك فضل رابع، وهو أن يغضي عن هفواته، ويتلقى بالصفح كثيرا من زلاته وإساءاته، ولا سيما إساءة صدرت عن غير قصد، أو إساءة ندم عليها وجاء معتذرا منها، فاحتمال أذى الجار وترك مقابلته بالمثل من أرفع الأخلاق وأعلى الشيم، ولقد فقه السلف هذا المعنى وعملوا به، وروى المروذي عن الحسن، ليس حسن الجوار كف الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى، فيقول الغزالي رحمه الله”واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط، بل احتمال الأذى.

فإن الجار أيضا قد كف أذاه، فليس في ذلك قضاء حقه، ولا يكفي احتمال الأذى، بل لا بد من الرفق، وإسداء الخير والمعروف، وإن الحق الثالث، هو كف الأذى فقد تقدم أن للجار مكانة عالية، وحرمة مصونة، ومن أجل ذلك جاء الزجر الأكيد والتحذير الشديد في حق من يؤذي جاره، فالأذى بغير حق محرم، وأذية الجار أشد تحريما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock