دين ودنيا

الدكروري يكتب عن القلب القاسي والمقفل

بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد قامت الشريعة الإسلامية على مجموعة من الأسس التي تهدف إلى الاعتناء بمصالح العباد، وبالضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعرض والمال والنسل، وحرمة الدماء لا تقتصر على المسلمين فقط وإنما يدخل فيها غير المسلمين من المستأمنين والذميّين والمعاهدين أيضا، ويُعد الوقوف بين يدي الله تعالى للحساب من أعظم المواقف التي ستواجه الإنسان يوم القيامة، لذلك وجب عليه الاستعداد لها، وفي الحساب يكون الوقوف على الذنوب التي قام بها الإنسان في حياته الدنيا والتوبيخ عليها، ومن الناس من يدخل الجنة من غير حساب ولا عذاب، وقد ورد في وصفهم أنهم لا يتطيّرون وعلى الله تعالى يتوكلون، وعندما تنشر الصُحف يقرأ كل إنسانٍ كتابه ويعلم أن فيه جميع أعماله الكبيرة والصغيرة، ويعلم علم اليقين أنه لم يُظلم مثقال ذرة.
وإن هناك من أنواع القلوب هو القلب القاسى، وهو قلب الفاسق الذى يستمتع بمخالفة الشريعة وعدم الانصياع لأحكامها، فقال تعالى كما جاء فى سورة الحديد” ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون” وهذا القلب ربما وصل به الحال بسبب طول الأمد وحب الدنيا والملذات، حتى يصبح أشد قسوة من الحجارة، فيقول تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ثم قست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون” وأيضا فهناك القلب الزائغ وهو قلب الذي يريد أن يؤجج الفتن لمصالح شخصية أو فئوية.
فيترك النصوص المحكمة القطعية، ويبحث ويجادل في النصوص القرآنية، أو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تحمل أوجه عدة فيقول تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله” وهناك القلب الأغلف وهو قلب الماكر الكذاب عديم الإيمان، الذي يحاول أن يبرر نكرانه للحقائق الإيمانية العقائدية بحجة أن قلبه عليه غشاوة أو غلاف، فلا يستطيع أن يفهم ما يُقال بزعمه، فيقول الله تعالى ” وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون” وهم أنفسهم الذين قال الله تعالى فيهم ” وقالوا قلوبنا فى أكنة مما يدعوننا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون”
وأيضا فإن هناك القلب المقفل وهو قلب الذي لا يتدبر آيات القرآن ولا يقف عند إعجازها الواضح الصريح، فلا يرق لها ولا يتفكر بما فيها من علم وخير، فيقول تعالى كما جاء فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” وأيضا فإن هناك القلب المختوم وهو قلب ميت ميؤوس منه، من كثرة ما عشعش فيه من الكفر والنفاق والشرك والملذات، فليس فيه ذرة من خير يرجى معها إعادة حياته، فقال تعالى ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” وبعد أن عرفنا أنواع القلوب، فهل تستطيع أن تحدد بجرأة أيا منها هو قلبك؟ وتعتري قلب الإنسان أمراض وعلل ذكرها الله في كتابه العزيز، ومنها الإثم، فقال تعالى ” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock