مفهوم التنمية الشاملة ” الجزء الثامن عشر “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثامن عشر مع مفهوم التنمية الشامله، وقد توقفنا مع سلبيات التنميه البشرية، وإن من سلبيات التنمية البشرية هو التفاؤل بشكل زائد عن الحد والمقصود بما يجعل الإنسان يوقف دون حراك لمواجهة أرض الواقع والتحديات الجديدة بها، وكما يتوقف الإنسان عن التخطيط ووضع الخطط المستقبلية لحياته بما قد يؤثر تباعا على قراراته المختلفة العملية والحياتية، وإن البعض يقوم بإدخال بعض الأساليب الخاطئة فى مجال التنمية البشرية والتى تتمثل فى التنويم المغناطيسى أو حتى العلاج بالإيحاء، وهو ما يعتبر من بين السلبيات الخاطئة في التنمية البشرية لذا يجب على من يعانى من مشكلة نفسية أن يقوم بالرجوع إلى الطبيب النفسى أولا بدلا من الذهاب إلى خبير في التنمية البشرية كما يفعل البعض، وإن دور الشباب في العمل التطوعى والخدمات العامة في المدن والريف والأحياء الشعبية على حد سواء، فمشاركتهم بالأعمال التطوعية المختلفة قادرة على بناء شخصياتهم وتقويتها، وتعزيز روح المواطنة لديهم.
وتجعلهم يساهمون في مساعدة الآخرين، ويقدمون لمجتمعاتهم طاقاتهم الإيجابية، وقوتهم في المجالات الصحيحة، وكذلك التعرف على الأمور المحلية التي تخص المجتمع الذى يعيشون به، والتعلم عنه، واكتساب معرفة فى تاريخه ومميزاته وخصائصه واحتياجاته، مما يمكنهم من تطويره وتنميته، وكذلك تأسيس المجموعات الشبابيّة المختلفة والمشاركة فيها، فهناك الكثير مما يمكن أن يقوم به الشباب المهتمين بالعمل في مجال واحد، وهو ما يمكن أن يسهم في تطوير هذا المجال والمجتمع المحيط بهم كذلك، وأيضا فإن للشباب تأثير كبير على السياسة، وأدوار هامة يمكن أن يساهموا بها، مثل الشباب هم القوة السياسية الأكبر، والأكثر تحررا وانفتاحا، لذلك يمتلكون القدرة على تحقيق أهدافهم في تغيير السياسات وتفعيل دورها بشكل أكبر في دولهم، والتأثير على جميع القوى السياسية، وعلى صناع القرار والمَسؤولين، وإن من واجب الشباب هو معرفة حقوقهم وواجباتهم، حتى يستطيعوا المطالبة بها، والتعامل معها، وتحقيقها، وتطبيقها.
بالشكل الأمثل، ويمكن للشباب المساهمة في التغيير الحقيقى من خلال التعبير عن آرائهم بمختلف الطرق، خاصة ما توفره اليوم الوسائل التكنولوجية الحديثة، لكن عليهم بالطبع توخى الحذر في كل ما يقال أو ينشر، فاليوم كل ما يكتب وينشر محفوظ، ومن الصعب مسحه فيما بعد، وأيضا المشاركة في الانتخابات والتشجيع عليها، إذ تعد الانتخابات مِفصلا سياسيا وهاما فى جميع الدول، وموقف الشباب منها يجب أن يكون موقفا مؤثرا لأنها في أغلب الأحيان ستحدد مستقبل البلاد لعدة سنوات بعدها، وهم فعليا أكثر القوى المؤثرة والمتأثرة في مستقبل البُلدان وتطورها، وإن للشباب أدوار هامة في تنمية اقتصاد الدول، ومنها أن الشباب قوة اقتصادية كبيرة يمكن استغلالها في التنمية الشاملة، وفى جميع القطاعات، ويمكن من خلال تحفيزهم على الإبداع فى المجالات المختلفة الحصول على أفكار ريادية خلاقة، وزيادة الإنتاج والدخل لهم وللعاملين فى تلك المجالات، مما يضمن النجاح والتقدم للمجتمع بمختلف قطاعاته، وفى مجال التنمية الإجتماعية
قيل فى مقولة جميلة تقول أعقل الناس أعذرهم للناس، وهكذا فإن أعقل الناس أعذرهم للناس فنحن لم ننشأ فى ظروف واحدة ولم ننشأ في أسر واحدة فإن رؤيتنا للحياة متفاوتة الظروف التي نعيش فيها ومتفاوتة فى تقديرنا للأشياء ومتفاوت كثير من الناس الذين يمكن أن نقول هم أشخاص سيئون المجرمون مثلا الذين نزلوا يعنى دخلوا السجون، وإن الناس المنحرفون المدمنون كثير من هؤلاء سبب ما هم فيه ظروف مروا بها وهذه الظروف ما اختاروها هم، لا اختار أباه المدمن ولا اختار أمه المنحرفة ولا اختار الأسرة الشقية التي نشأ فيها فليس هو ما اختار هذا فإذا هو في جناية من آخر عليه فهذا الإنسان يستحق منا الشفقة ويستحق الرحمة ويستحق التعاطف ونقول لو كنا ونشأنا في الظرف الذي نشأ فيه ربما نكون مثله لنحاول بدل أن نكون نقادا للناس بدل أن نكشف دائما أن نمتهن كشف عورات الناس كشف عيوب الناس، وكذلك التدقيق في أحوال الناس ومتابعة الناس ومراقبة الناس لنفعل شيئا أجمل من هذا وهو أن نظهر يعنى أن نتسامح مع الناس
ونقول لعل له عذرا وأنت تلومه والشيء الآخر بدل أن أكون ناقدا لأكن قدوة الإنسان المتفوق الإنسان الطيب الإنسان الخلوق الإنسان الرحيم فهو إنسان يجذب الآخرين إليه دائما القيم والمثل لا تفرض لا تستطيع وأنت أن تفرض قيمة على أحد فأنت لا تستطيع أن تفرض مبدأ على آخر وإن القيم تجذب الآخرين حين نرى قيمة أو مثالا أو مبدأ مجسدا في حياة إنسان فهو هذا الإنسان يجذبنا وهذا المبدأ يجذبنا ونتأسى به ونقتدى به ونستفيد منه وبدل أن أكون ناقدا، فأحاول أن أكون قدوة وبدل أن أعتب على فلان وفلان أحاول أن ألتمس له العذر فيمكن هذا لا يتنافى مع النصيحة انصحه وأبين له وجه الصواب ولكن علي أن أقول إن هذا الإنسان ربما يكون سبب ما هو فيه ظروف سيئة نشأ فيها وهو كما قلت لم يختر تلك الظروف ولو نشأنا في مثلها فربما نكون أسوأ منه، وأن هناك مفهوم ثالث أيضا في حياتنا الاجتماعية وهو اكتساب ثقة الناس ويكون عن طريق الأعمال وليس عن طريق الأقوال إذا، فلو أراد الإنسان أن يكون موثوقا فهو لا يستطيع أن يكتسب ثقة الناس.
ولا يستطيع أن يكون موثوقا ولا يستطيع أن يكون محل احترام، ولا يستطيع أن يكون محل تقدير أو محل تعاطف عن طريق الأقوال ويعنى ذلك أنه لا يستطيع أن يقول أنا موثوق لذلك ثقوا بي أنا محترم، أو احترموني أنا يعني كذا، فإنه لا يستطيع هو عن طريق الأقوال، فإذا أراد الإنسان أن يكون موثوقا فليتصرف بتصرفات الإنسان الموثوق فيه وإن أهم صفتين في الإنسان الموثوق فيه هي الصدق والأمانة فالإنسان الموثوق فيه هو ذو المصداقية الذى يعني تستطيع أن تعامله على أنه موثوق فيه فهو إنسان صادق لا يكذب حتى لو كان الكذب سيأتى إليه ببعض الأضرار فهو يتحمل الضرر في سبيل أن يكون صادقا وهو إلى جانب هذا هو إنسان مؤتمن حين يؤتمن على شيء يؤتمن على سر أو يؤتمن على قول أو يؤتمن على وضعية هو إنسان مؤتمن، ولذلك فإن الناس يثقون به وإذا أنت تأملت في حياة الأشخاص الموثوقين لوجدت أن أهم صفتين لديهم هما الصدق والأمانة، وأيضا فإن هناك نقطة رابعة في حياتنا الاجتماعية أو إن شئنا أن نقول.
فى الجانب الاجتماعى من شخصياتنا وهو أن نعامل الناس على أساس مجموعة من القيم الموحدة وهذه تعتبر نقطة اختبار لنا ونقطة ابتلاء لنا في هذه الحياة ولا يصح أبدا أن أتواضع أمام فلان لأنه قوى أو لأنه وجيه أو لأنه ثرى وأتكبر على فلان لأنه ضعيف أو لأنه فقير أو لأنه جاهل فإن هذا لا يصح وكذلك لا يصح أن أتعامل مع فلان بالصدق والأمانة لأن لي عنده مصلحة أو له عندى مصلحة أو بيننا قرابة أو شيء وأتعامل مع فلان بالكذب لأنه ليس بيننا علاقة فإن هذا ينافي النبل ينافي أولا التدين العميق التدين العميق ويولد لدى الإنسان قاعدة للتعامل ويولد لديه حساسية ضد الدناءة فلذلك حتى يكون الإنسان ملتزما وحتى يكون نبيلا بأعمق ما تحمله هذه الكلمة من معنى فعليه أن يعامل الناس على أساس قيم واحدة هو فيرفع صوته إذا رفعه بشكل أمام الجميع ويخفضه أمام الجميع ويكون جريئا أمام الجميع ويكون متحفظا أمام الجميع لا يعامل كل واحدة على قيمة بحسب لا شك نحن لا ننكر أن هناك خصوصيات وهناك مواقف تستدعي أحيانا، نمطا معينا من السلوك.