دين ودنيا

الدكرورى يكتب عن صاحب الخلق العظيم

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

في صغره كان يعمل في رعي الأغنام، ثم اتجه للعمل في التجارة حين شب، وأبدى مهارة كبيرة في العمل التجاري، وعرف عنه الصدق والأمانة وكرم الأخلاق وحسن السيرة والعقل الراجح والحكمة البالغة، فهو نبي الرحمة وخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان ينأى بنفسه عن كل خصال الجاهلية القبيحة، فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل من الذبائح التي تذبح للأصنام، ولم يكن يحضر أي عيد أو احتفال يقام للأوثان، بل كان معروفا عنه كراهيته الشديدة لعبادة الأصنام وتعظيمها، حتى أنه كان لا يحب مجرد سماع الحلف باللات والعزى وهما صنمان مشهوران كان العرب يعظمونهما ويعبدونهما ويكثرون الحلف بهما، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشارك شباب قريش في حفلات السمر واللهو ومجالس الغناء والعزف والخمر، وكان يستنكر الزنى واللهو مع النساء، وكان صلى الله عليه وسلم يمتاز في قومه بالأخلاق الصالحة.

حتى أنه كان أعظمهم مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكثرهم حلما، فاشتهر عنه مساعدة المحتاجين، وإعانة المبتلين، وإكرام الضيوف، والإحسان إلى الجيران، والوفاء بالعهد، وعفة اللسان، وكان قمة في الأمانة والصدق حتى عرف بين قومه بالصادق الأمين، وكان العالم منذ القديم، كان فيه قوتان كبيرتان عظيمتان هما الدولة الرومانية، وعاصمتها القسطنطينية نسبة إلى إمبراطورها قسطنطين، والدولة الفارسية وعاصمتها المدائن، لأن كل ملك من ملوك الفرس ويسمى كسرى، كان يبني مدينة إلى جوار المدينة التي كان يسكنها الملك الذي قبله، وكانت هاتان الدولتان متحاربتين، وأشهر معركة بينهما “أديداس” التي انتصر فيها الروم على الفرس، وكانت حالة العرب، قبل مولده صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى من يصلحها، فالعرب في الجزيرة العربية، كانوا يعبدون الأصنام، حجارة ينحتونها ثم يسجدون لها، وكان أحدهم يأخذ معه حجرا صغيرا على هيئة صنم يسجد له.

وقد كان مع أحدهم تمر ولم يكن معه صنمه فجعل من التمر على هيئة صنم ثم سجد له، وبعد أن جاع أكله ثم تغوطه، وقد شاهد أحد هؤلاء الجاهليين ثعلبين يبولان برأس صنم فقال أربّ يبول الثعلبان برأسه؟ لقد ذل من بالت عليه الثعالب، وكان في العرب عادات أخرى سيئة وأخرى حسنة، من عاداتهم السيئة شرب الخمر ووأد البنات، وإهانة المرأة، والعصبية، والقتل والسلب ولكن كان إلى جانب تلك الصفات الرديئة، صفات حسنة منها الكرم والشجاعة والمروءة وحماية الجار وإغاثة الملهوف، ولم يكن لهم في جزيرتهم ملك يجمعهم تحت سلطانه، وينظم أمور جندهم في جيش نظامي، كما كان لدى التبابعة في اليمن والغساسنة في الشام و المناذرة في العراق، كان لكل قبيلة شيخها من أبنائها ن هو كالأب لقبيلته، يدافع عنهم، يجبهم ويجبونه ويطيعون أمره، فإن العرب في اليمن، كانوا منظمين، لهم جيوش منظمة مدربة على القتال في صفوف نظامية.

بينما كانت حروب القبائل في الجزيرة تتبع نظام الكر والفر، وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم ليعلم العباد أن كل من ادعى هذا المقام بعده صلى الله عليه وسلم فهو كذاب أفاك دجال، فقال الله تعالى فى سورة الأحزاب “ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما” وقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفا وخلفا على هذه العقيدة، كما أجمعت على تكفير من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم ووجوب قتل مدعيها إن أصر على ذلك، فقال الألوسي “وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعي خلافه ويقتل إن أصر” وقال ابن كثير وقد أخبر الله تبارك وتعالى.

في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل” والقرآن الكريم هو معجزته العظمى التي اختص بها دون غيره فهو الحجة المستمرة الدائمة القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، فهو كتاب خالد لا ينضب معينه، ولا تنقضي عجائبه ولا تنتهي فوائده محفوظ بحفظ الله من التغيير والتبديل والتحريف، وقال ابن حجر المراد أنه المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره لأن كل نبي أعطى معجزة خاصة به لم يعطها بعينها غيره تحدى بها قومه، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه، كما كان السحر فاشيا عند فرعون فجاءه موسى بالعصا على صورة ما يصنع السحرة لكنها تلقفت ما صنعوا ولم يقع ذلك بعينه لغيره، وكذلك إحياء عيسى الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لكون الأطباء والحكماء كانوا في ذلك الزمان في غاية الظهور.

فأتاهم من جنس عملهم بمالم تصل قدرتهم إليه ولهذا لما كان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم في الغاية من البلاغة جاءهم بالقرآن الذي تحداهم أن يأتوا بسورة مثله، فلم يقدروا على ذلك، لذا فالقرآن الكريم أخص معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، ومن جملة حفظ الله لكتابه هو سهولة حفظه في الصدور وحفظه من التلاعب والتغاير في ألفاظه ومعانيه بالزيادة والنقصان، ومن حفظه صيانته من المعارضة، ومن حفظه تقييد الله له العلماء الراسخين يذبون ويدفعون عنه شبه الملحدين إلى آخر الدهر، وقال القاضي عياض لا يكاد يعد من سعى في تغييره وتبديل محكمه من الملحدة والمعطلة لا سيما القرامطة، فأجمعوا كيدهم، وحولهم وقوتهم فما قدروا على إطفاء شيء من نوره، ولا تغير كلمة من كلامه، ولا تشكيك المسلمين في حرف من حروفه والحمد لله، ولا شك أن حفظ القرآن حفظ لدعوته صلى الله عليه وسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock