القلب للأقوى إهتماما

بقلم : جمال القاضي
يظن البعض ظنا يقينا منه بأن القلب لايمكنه أن يحب إلا مرة واحدة في هذه الحياة ، لكن هذا الظن غير صحيح ويحتمل من الشك الكثير .
ربما ترى هذا الأمر عجيبا حين تقرأ هذه الكلمات ، لكن لكي تقتنع عليك أن تجد لنفسك إجابات مقنعة على عدة تساؤلات ، منها : لماذا تحب المرأة أحد غير زوجها الذي توفي منذ فترة وكان زوجها في البداية عن حب ؟ وكذلك الحال بالنسبة للرجل ، ولماذا يترك الرجل زوجته التي مازالت في منزل الزوجية وكان من قبل يقاتل من أجل أن يتزوجها وتربطهما علاقة الحب تشتعل فتيل شموعها بالشوق ثم يتزوج إمرأة غيرها والأولى مازالت معه ؟
كيف نشأت علاقة حب جديدة والعلاقة الأولى مازالت قائمة ؟ كيف لمن إرتبطا معا في فترة كانت لخطبتهما ويجتمعان على حب ويتفرقان على شوق ثم ينفصلان ويموت الحب بينهما وكل منهما يذهب في طريف مختلف يقيم علاقة جديدة غير التي كانت وقد تكون أقوى منها؟
ظننت نفسك عاجزا على أن تجيب ، قد يكون ذلك ، ليس الأمر غريبا، والإجابة سهلة ولا تحتاج للتفسير مشقة ، أو من العبارات الكثير .
هذه النفس البشرية والقلب الآدمي خلق ليبحث عن الإهتمام ، يبحث عن من يشعره بكيانه كونه مخلوقا ، يبحث عمن يتعمق في محتوياته ، ويلبي رغباته النفسية ، ومتطلباته العاطفية ، فإن وجد ذلك في أحد مالت له نفسه ، شعورا منها بالراحة نحو هذا الشخص ، مال إليه القلب إنسجاما ، ممايدفعه طوعا في أن يبحر في بحور العاطفة دون خوف من الغرق ، حتى وإن راى أن هذا البحر سوف تغرقه فيه أمواجه وتأخذه نحو الأعماق ، يشعر بنوع من الألفة بينه وبين من يشعره بذاته ، فهو يشعر بأنه كائن يتنفس هواء الحياة الذائبة فيه نسمات سعادته .
اذا كان الدور لسؤال آخر يطرح نفسه وهو: لماذا يموت حب بين شخصين ويولد حب جديد بعد فترة بين أطراف هذا الحب وغيرهم ؟
كما ذكرت إن القلب وصاحبه يبحث دائما عن الإهتمام ، إهتماما موصولا غير منقطع ، ليس فيه فواصل ، ليس في نسيجه خيوطا غريبة بغزل أثوابه التي يحب أن يرتديها بألوان زاهية وجذابة دائما ، لا مكان لمشاكل ، نرجسية دائمة فيها يريد كل منهما أن يستحوذ على الطرف الآخر بالرضا والتسليم أو بالإجبار المقنع .
وفي حالة إن وجد القلب ومن يمتلكه ضعفا وفتورا في ذلك الإهتمام ، يشعر صاحبه بأنه بدأ مشوارا جدا في أن يسلك طريق يأخذ بها للنهاية ، فمع ضعف الإهتمام ، تضعف المحبة ، تبهت المشاعر ، وتخمد نيران الشوق ، تحزم العواطف والقلب أمتعة الرحيل ، بحثا عن من يقدم له تأشيرة جديدة من الإهتمام تمنحه إذنا بالدخول ، وبها يسمح لذاك الطارق لبابه لأن يدخل ، ليجعل هذا القلب هو الوطن الجديد الذي إستوطنه الغريب وجعل فيه إقامته إقامة مؤقتة أو إقامة دائمة على حسب ما يقدم له على مائدة الإهتمام ، الأمر الذي لايفرق فيه هذا القلب بين ظواهر الحياة بروابطها المتعارف عليها ، فالحب ينشأ كفيفا لكنه يتحسس طريقة دائما بعصا الدفء وترىشده أصوات الإهتمام التي يسمعها ويشعر بها من الآخر .
وأخيرا يموت القلب ومافيه من حب حين يموت الإهتمام لكنه يعود وينبض من جديد إن وجده .
بقلم : جمال القاضي