الدكروري يكتب عن نتائج غزوة ذي العشيرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن غزوة ذي العشيرة، وكان حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، هو حامل لواء المسلمين، وقد كان الخروج في هذه الغزوة اختياريا، من شاء منهم خرج ومن شاء بقي، ولم يُكره الرسول صلى الله عليه وسلم، أحدا من المسلمين على الخروج في هذه الغزوة،

وأما قوات قريش فكانت قافلة متوجهة إلى الشام بعيرها ورجالها بقيادة أبي سفيان، بالإضافة إلى بعض الحلفاء وهم بني مدلج وبني النضير، الذين كانوا حلفاء لقريش، وعندما بلغ المسلمون موقع ذي العشيرة وجدوا أن العير قد فاتتهم وسبقتهم بأيام ولم يجدوها، فعاد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وخرج مرة ثانية في طلب القافلة في رحلة عودتها من الشام، ونجت القافلة مرة أخري.
واستطاع أبو سفيان تغيير مسارها، فكان هذا سببا مباشرا لخوض غزوة بدر الكبرى، ولم تحدث أي مواجهة بين المسلمين وكفار قريش في هذه الغزوة، وعند وصول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى موقع ذي العشيرة، وقد علم أبو سفيان أن المسلمين قد خرجوا لمواجهتهم، فغيّر مسير القافلة وسلك طريقا آخر غير الطريق المعتاد، ووصلت القافلة إلى مكة سالمة، وحافظ عليها، ولم يستطع المسلمون الظفر بالقافلة وإدراكها، وقد بقي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في موقع ذي العشيرة عدة أيام هو ومن معه من المسلمين، ثم عادوا إلى المدينة، وقد نتجت عن غزوة العشيرة عدة نتائج مهمة، وأهمها هو عقد معاهدة مع بني مدلج وحلفائهم من بني النضير.
وأصبحوا في صف المسلمين وتخلوا عن حلفهم مع كفار قريش، كما استطاع المسلمون إدخال الخوف إلى نفوس كفار قريش وإيصال رسالة لهم بأن الدعوة الإسلامية ورسالة الإسلام باقية، كما بدأت القبائل العربية بالتحالف مع المسلمين، مما زاد في إضعاف معنويات قريش وإرباكهم، وهذا سبب ضرب النشاط التجاري لقريش، وزيادة الثقة في نفوس المسلمين، فما أحوجنا اليوم في واقعنا لتتبع سيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والوقوف على دروسها وعبرها، وإن من أسباب الثبات عند الابتلاء هو التأسي بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبصحابته والنظر في سيرته صلى الله عليه وسلم فقد حفلت سيرته صلى الله عليه وسلم، بمواقف كثيرة ضاقَت فيها على المسلمين السبل.
وظن أهل النفاق المندسون في صفوف المسلمين أن المسلمين قد قضي عليهم، ولكن الله تعالى يأبى إلا أن يعز دينه ويعلي كلمته، وإن الإيمان ليصنع العجائب، ويحيِي النفوس الخائرة، وعند اشتداد الكروب وإحاطة الخطوب يظهر الإيمان جليّا من أناس اعتدوا بإيمانهم، وصدقوا وعد ربهم بنصر عباده، واستعدوا ببذل الغالي والنفيس، من المال والدم والأهل في سبيل الذود عن الدين، كما يبرز النفاق بوجهه الكالح مخذلا وناعيا ومدافعا عن قوى الكفر، وكأنه وكيل قد وكله الكفرة ليُحامي عنهم، ويرفع من شأنهم، ويخوف المسلمين بهم، وكم تنادى هؤلاء المنافقون إلى أن قوى الكفر لا تهزم، وأن حلفها لا ينقض، وأن إرادتها هي العليا، وأن من يقف في وجه تلك القوى سفيه قاصر لا يعي الأمور ولا يدرك العواقب، ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يحفظ دينه ويعز أولياءه.
زر الذهاب إلى الأعلى