وقفه مع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس “الجزء الثانى”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس، فإن ذكر الله هو حياة القلوب, فلا حياة لها إلا به، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال”مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت” رواه البخارى، وليس للقلوب قرار ولا طمأنينة ولا هناءة ولا لذة، ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى، فقال تعالى فى سورة الرعد “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرح بعد الغم والهم، وهو تفريج الكربات، وتيسير الأمور، وتحقق الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، وما عولج كرب ولا أزيلت شدة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الكرب “لا إله إلا الله العظيم، لا إله إلا الله الحليم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم” ويقول عليه الصلاة والسلام “دعوة ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله كربه” وإن ذكر الله تعالى جالب للنعم المفقودة, وحافظ للنعم الموجودة، فما استجلبت نعمة وما حفظت نعمة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، فقال تعالى فى سورة إبراهيم “وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد” وإن ذكر الله تعالى محط الأوزار، وتكفير السيئات، ورفعة الدرجات، وعلو المنازل عند الله تبارك وتعالى، فما حُطت الأوزار بمثل ذكره سبحانه.
فيقول صلى الله عليه وسلم”ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تبارك وتعالى” رواه الترمذى، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال “من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر” وإن ذكر الله تعالى هو غراس الجنة، فما غرست الجنة بمثل ذكره، فيقول عليه الصلاة والسلام “من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة” رواه الترمذي، ويقول صلى الله عليه وسلم أنه قال “لقيت إبراهيم الخليل ليلة أسري بي فقال لي يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان، وأنها طيبة التربة، عذبة الماء، وأخبرهم أن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” رواه الترمذى.
وإن ذكر الله كلمات خفيفة على اللسان، لا تكلف العبد جهدا، ولا يناله منها مشقة، إلا أن لها ثوابا عظيما، وأجرا جزيلا، وهي حبيبة إلى الله تعالى، فيقول صلى الله عليه وسلم “كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم” رواه البخارى، وذكر الله سبحانه هو الطارد للشياطين، والمخلص من وساوسها وشرورها وكيدها وحبائلها فيقول تعالى فى سورة فصلت “وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم” وقال سبحانه وتعالى فى سورة المؤمنون ” وقل رب أعوز بك من همزات الشياطين وأعوز بك رب أن يحضرون” وقال عز وجل فى سورة الأعراف “إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون”
ويقول تعالى فى سورة الزخرف ” ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين” فإن ثمرات الذكر على أهله، وفوائده على أصحابه المحافظين عليه، لا تعد ولا تحصى، ولقد تكاثرت النصوص في الكتاب والسنة، وتضافرت الدلائل فيهما في الحث على ذكر الله، والأمر بذكره سبحانه بالكثرة وبيان ثواب المكثرين من ذكر الله في آيات كثيرة، وأحاديث عديدة، صحّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول الله تعالى فى سورة الأحزاب ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما” ويقول ابن عباس رضي الله عنهما “فإذا فعلتم ذلك أي أكثرتم من ذكر الله تعالى، صلى الله عليكم وملائكته” .