مقالات

الدكروري يكتب عن أبو عبيدة وإصابتة بالطاعون

الدكروري يكتب عن أبو عبيدة وإصابتة بالطاعون

الدكروري يكتب عن أبو عبيدة وإصابتة بالطاعون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد روى الإمام الطبرى أنه لمَّا اشتد الطاعون في الشام في بلدة عمواس فقد قام القائد الفاتح قائد الجيوش الإسلامية أبو عبيدة عامر بن الجراح في الناس خطيبا فقال “أيها الناس،

 

 

 

إن هذا الوجع رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة، فيما بعد أن يرتحل بالمسلمين، من الأرض الغمقة التى تكثر فيها المياه والمستنقعات إلى أرض نزهة عالية، قال عمر “أما بعد، فإنك قد أنزلت الناس أرضا غمقة فارفعهم إلى أرض مرتفعة نزهة” فلما أتاه كتابه دعا أبا موسى الأشعرى فقال ” يا أبا موسى، إن كتاب أمير المؤمنين قد جاء بما ترى، فاخرج فارتد للناس منزلا حتى أَتبعك بهم، فرجع أبو موسى إلى منزله فوجد زوجته قد أصيبت بالوباء. 

 

فرجع أبو موسى إلى أبى عبيدة وقال له والله لقد كان فى أهلى حدث، فقال أبو عبيدة لعل صاحبتك أصيبت، قال أبو موسى نعم، فأمر أبو عبيدة ببعيره فرحل له، فلما وضع رجله في غرزه أصيب أبو عبيدة بالطاعون، وقال والله لقد أصبت، ثم سار بالناس حتى نزل الجابية، وعن سعيد المقبرى قال لما أصيب أبو عبيدة قالوا لمعاذ بن جبل صلى بالناس، فصلى معاذ بهم، ثم خطب فقال “أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن معاذ يسأل الله تعالى أن يقسم لآل معاذ منه حظهم” ثم أصيب عبد الرحمن بن معاذ بن جبل بالطاعون، وبعده أصيب معاذ بن جبل، وروى ابن المبارك عن الحارث بن عميرة أنه قَال أخذ بيدي معاذ بن جبل، فأرسله إِلى أبى عبيدة، فسأله كيف هو؟ 

 

وقد طعنا، فأراه أبو عبيدة طعنة خرجت فى كفه، فتكاثر شأنها في نفس الحارث، وفرق منها حين رآها، فأقسم أبو عبيدة بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم، ولمّا مات معاذ بن جبل استخلف أبو عبيدة على الشام عمرو بن العاص، فقام عمرو في الناس خطيبا، فقال ” أيها الناس، هذا الطاعون رجس، فتفرقوا عنه فى هذه الشعاب وفى هذه الأودية، فقال شرحبيل بن حسنة صحبت رسول الله وعمرو أضل من حمار أهله، ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم، يشير شرحبيل إلى حديث نبوى بمعنى ما قال، وفي تاريخ الطبري أن الذى راد عمرو، هو أبو وائلة الهذلى، وأن عمرو قال والله ما أرد عليك ما تقول، وايم الله لا نقيم عليه، ثم خرج وخرج الناس فتفرقوا، ورفع الطاعون عنهم. 

 

قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، من رأى عمرو بن العاص، فاستحسنه، وروى عن أبي موسى أنه قال إن هذا الطاعون قد وقع، فمن أراد أن يتنزه عنه فليفعل، ثم مات أبو عبيدة بن الجراح، وكذلك مات يزيد بن أبي سفيان الذى كان ذاهبا مع أخيه معاوية إلى قيسارية لحصارها قبل انتشار الطاعون، وأثناء ذلك أصيب يزيد بالطاعون، فاستخلف عليها معاوية وعاد هو إلى دمشق، فمات هناك، ووصل إلى عمر خبر وفاة أبي عبيدة ويزيد بن أبى سفيان، فأمَّر معاوية بن أبى سفيان على جند دمشق وخراجها، وأمَّر شرحبيل بن حسنة على جند الأردن وخراجها، وبعد خطبة عمرو بن العاص وأبى موسى الأشعري ونصيحتهم الناس أن يتفرقوا إلى الشعاب والأودية زال الطاعون ولكن كانت حالة المسلمين وجيوشهم في وضع قلق، بسبب كثرة الوفيات بين المسلمين، حتى اختار الناس في المواريث من كثير الموتى، وكذلك طمع أعداء المسلمين في الكر عليهم، واستغلال انشغالهم بالوباء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock