دين ودنيا

وقفة مع الإبتلاء والمواساة ” جزء 8 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الإبتلاء والمواساة، وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم الآية التي في سورة الحشر ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون” تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع برّه، من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة، قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس، حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل، كأنه مذهبة، أي يستنير فرحا وسرورا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.

ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء” رواه مسلم، والنمار هى شملة مخططة بلون النمر، وقال الإمام النووي رحمه الله، سبب سروره صلى الله عليه وسلم هو فرحه بمبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى، وبذل أموالهم لله، وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين، وشفقة المسلمين بعضهم على بعض، وتعاونهم على البر والتقوى، وينبغي للإنسان إذا رأى شيئا من هذا القبيل أن يفرح ويظهر سروره، فيا من ابتليت في ولدك أو نفسك أو مالك أو زوجك، اعلم أن الله ما ابتلاك ليعذبك، وإنما ابتلاك ليمحصك فاثبت وارضى، واعلم أنه حكيم في قضائه، رحيم بعباده.

واعلم أنه ما ابتلاك إلا لأنه أراد بك الخير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من يرد الله به خيرا يصب منه” رواه البخارى، فعليك أخي المبتلى برفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل فهو وحده من يجيب المضطر، ويكشف الضر، فسبحانه القائل فى سورة النمل ” أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء” فمن الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسُن، وتؤلهه القلوب؟ إنه الله لا إله إلا هو، وإن من الأمور المتقررة لدى جميع المسلمين، أن هذه الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، ولقد خلق الله عز وجل العباد فيها ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فليست هي بدار الخلود والبقاء والاستقرار.

وإنما هي دار رحيل وانتقال يُمتحن العباد فيها ويختبرون، ليميز الله تبارك وتعالى الطيب من الخبيث والحسن من الرديء والصالح من الفاسد، وتأملوا معاشر المؤمنين تأملوا في هذا قول الله تبارك وتعالى فى سورة الكهف” إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا” وهذه الآيات هي من الآيات العشر التي افتتحت بها سورة الكهف، وعن أبى الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصم من الدجال ” رواه مسلم، وعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين”

فهذا من فضائل هذه الآيات، ومن فضائلها ومناقبها الحميدة وآثارها المباركة على من يحفظها ويقرؤها ويتأمل في دلالاتها، وكم هو جميل بنا أن نتأمل هذه الآيات، فكل ما على الأرض من طعام وشراب ولباس ومسكن وأنهار وأشجار وأودية وجبال، وغير ذلك مما على وجه الأرض كل ذلك أوجده الله سبحانه وتعالى زينة لهذه الأرض، ولما جعله زينة؟ قال تبارك وتعالى ” لنبلوهم أيهم أحسن عملا” فالحياة الدنيا بمباهجها ومفرحاتها وأنواع ملذاتها هي دار امتحان وابتلاء واختبار ليعلم المسيء من المفسد والصالح من الفاسد والحسن من القبيح، فقال تعالى فى سورة الأنفال ” ليميز الخبيث من الطيب” فلنتأمل ذلك ثم ماذا إن جميع ما على وجه الأرض ؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock