دين ودنيا

الدكروري يكتب عن متاع الحياة الدنيا وزينتها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد تبين لنا كيف يتحقق الامتحان والإختبار في الدنيا؟ فقد زين الله تعالي في أنظارنا الدنيا الفانية، وزين لنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الآخرة الباقية كي يتحقق الامتحان لإيماننا، حيث قال تعالى ” وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون” وهذا حض من الله تعالى لعباده على الزهد في الدنيا وعدم الاغترار بها، ونكمل الجزء السادس مع الإنسان ما بين الإختبار والإبتلاء، قال تعالى ” وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون” وهذا حض من الله تعالى لعباده على الزهد في الدنيا وعدم الاغترار بها، وعلى الرغبة في الأخرى، وجعلها مقصود العبد ومطلوبه، ويخبرهم أن جميع ما أوتيه الخلق، من الذهب، والفضة، والحيوانات والأمتعة، والنساء، والبنين، والمآكل.

والمشارب، واللذات، كلها متاع الحياة الدنيا وزينتها، أي يتمتع به وقتا قصيرا، متاعا قاصـرا، محشوا بالمنغصات، ممزوجا بالغصص، ويزين به زمانا يسيرا، للفخر والرياء، ثم يزول ذلك سريعا، وينقضي جميعا، ولم يستفد صاحبه منه إلا الحسرة والندم، والخيبة والحرمان، وعرفنا أن كل ما في الأرض فآن لا يدوم ولا قيمة له وأنه قد غر من قبلنا فتصارعوا عليه، ثم تركوه مرغمين فقال الله تعالى فى كتابه العزيز ” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو لعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون” فيقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب “وإن الدار الآخرة لهى الحيوان” أي الحياة الدائمة الحق الذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد، وقوله ” لو كانوا يعلمون” أي لآثروا ما يبقى على ما يفنى.

وإذا استعرضت حياتك وجدت صدق هذه الحقيقة المبينة لحقيقة الدنيا، فكل ما مضى من حياتك لا قيمة له عند موتك، ولا يبقى منه إلا عملك الصالح، وما هي إلا سنوات حتى تكتشف هذه الحقيقة في حياتك بأكملها، بل في حياة جيلك كله، بل ستجدها واضحة في الحياة البشرية، وتعتمد نتيجة الامتحان على درجة الإيمان، فمن كان إيمانه قويا، وخوفه من ربه عظيما، سلك لجمع الدنيا طريق ربه، واتبع هدى خالقه، وقاوم الهوى ووسوسة الشيطان، ولم ينخدع بزينة الدنيا فذلك هو الامتحان والنجاح والنجاة من النار والفوز بالجنة، وأما إن كان ضعيف الإيمان، لا يخاف ربه فإن بريق الدنيا يخدعه، وينطلق لجمع ما في الدنيا من متاع وزينة بأي وسيلة أو طريق، بقتل أو تدمير أو تخريب، بحيلة أو خديعة، معرضا عن هدى خالقه وهداه، وبهذا يظهر كفره أو فسقه فذلك هو الامتحان والفشل فيه.

وقال تعالى ” الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك فى ضلال بعيد” وهؤلاء الذين أعرضوا ولم يؤمنوا بالله ويتبعوا رسله هم الذين يختارون الحياة الدنيا الفانية، ويتركون الآخرة الباقية، ويمنعون الناس عن اتباع دين الله، ويريدونه طريقا معوجا ليوافق أهواءهم، أولئك الموصوفون بهذه الصفات في ضلال عن الحق بعيد عن كل أسباب الهداية، أي نتركهم في عذابهم كما تركوا يومهم هذا فلم يعملوا له من الإيمان والصالحات، وبسبب جحودهم لآياتنا الداعية إلى الإيمان وصالح الأعمال، والمؤمن مهما أظلم عليه ليل الكروب بالأمراض والأحزان، إلا أنه لا ييأس من فجر يبدد الله به كرباته وأحزانه، كما قال سبحانه وتعالى ” فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا” فهذا هو نبى الله أيوب عليه الصلاة والسلام.

وهو نبي كريم مطهر ابتلاه الله تعالى بالسقم واللأواء، وجرى عليه الدود والأدواء، وجاء القرآن بذكره، ونطقت الأخبار بشرح أمره، فقال الله عز وجل فى سورة الأنبياء ” وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين” وعن ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال “لم يكن الذي أصاب أيوب الجُذام ولكنه أشد، كان يخرج في جسده مثل ثدى المرأة، ثم يتفقأ” وقال مجاهد “كان أول من أصابه الجدري أيوب عليه السلام واشتد البلاء وكرهه الناس وتركوه ومات أهله وولده جميعا، وهلك ماله كله، وألقي في الصحراء معه زوجتة ولم يبقى من أهله غيرها، ومع ذلك كان ذا يقين وصبر على ما أصابه” وعن ابن جرير عن الحسن “أن أيوب لما اشتد عليه البلاء جزعت امرأته فقال لها أرأيتى ما تبكين عليه مما كنا فيه من المال والولد؟ فكم متعنا فيه؟ قالت ثمانين سنة، قال فمنذ كم ابتلانا الله؟

قالت سبع سنين وأشهر، فقال ويلك والله ما عدلت ولا أنصفت ربك، ألا صبرتى حتى نكون في البلاء ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة” فقد ابتلاه الله تعالى بالمرض والسقم وما على الأرض أحد أكرم على الله تعالى منه، فما زال صابرا على مرضه محتسبا على الله مصابه، حتى كشف الله ضره ورفع قدره وآتاه أهله ومثلهم معهم رحمة من الله وذكرى للعابدين، ففي قصته عليه السلام ذكرى لكل سقيم ومريض بأن الفرج بيد الله وحده، فقال الله تعالى ” وإذا مرضت فهو يشفين”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock