فن

أنا وحواء والعلمانية وما وراء كواليس بنت أمل حربي

أنا وحواء

أنا وحواء والعلمانية وما وراء كواليس بنت أمل حربي

 

 

FB IMG 1673182891159

  كتب / عماد السعدني

في الآونة الأخيرة وما قبلها شاهدنا الكثير من أعمال درامية تحض علي الكراهية وهدم الأُسر المصرية ونقل صورة مُشوهه للمشاهد بعيدة كُل البُعد عن الواقع ، وإتفرض علينا عمل درامي أثار الجدل بين الجميع وهو مسلسل ” فاتن أمل حربي ” لأنه يحتوي على العديد من المغالطات القانونية وكان من الأفضل أن يستعين الكاتب برجل قانون وصاحب فِكر يُمارس المهنة ويعيش واقع محاكم الأسرة وغيرها يومًا بيوم لمراجعة النص بدلًا من تصديره في صورة منافية إلى حد كبير .

 

ومن أبرز وأهم المغالطات التي تضمنتها الحلقات التي عرضت هي إسقاط حضانة الأبناء عن الأم لعدم توافر مسكن أمن بحسب ما شاهدناه ، إذ لا يوجد مسوغ قانوني لذلك لأن توفير المسكن إلزام قانوني يُجبر عليه الأب بتوفيره للأولاد وإن لم يوفر للحاضنة ذلك يُمكِنها أيضًا ذاك القانون من شقة الزوجية التي كانت تعيش فيها مع زوجها وعند إعتراضه لهذا يؤدى إلى حبسه مع توفير مسكن لحضانة الأطفال .

 

أما عن النزاع حول الولاية التعليمية والصراع الذي دار في المسلسل بسبب قيام الأب الجاحد الذي ليس له قلب ولا مشاعر ولا إنسانية كما ينقل العمل هذا وهو تشويه صورة الأب أمام الأولاد والعامة ، والأم هي الملاك البريء التي تُضلِل علي أبناءها بجناحيها ، وهي كل ماتفعله هو الإنتقام فقط ودخول الأطفال أفخم المدارس التعليمية الخاصة لتنزف دماء الأب وتعمل علي تأخيره في الحياة فهي تُشبه الأفعي عندما يخرج السُم من فمها ، وهنا القانون يلزم الأب بمصاريف التعليم الحكومي فقط وهذا ينافي ويزعج المُطلقات .

 

ومن المغالطات أيضًا عكس رسالة المسلسل حول عدم إنصاف المرأة ، فإن للمطلقة الحاضنة بموجب القانون حقوق كاملة منها قائمة المنقولات الزوجية تحصل عليها بصيغة القانون وبعد عركلة الرجل ودخوله أعتاب المحاكم وليست بالطريقة الودية ، ومؤخر الصداق ، ونفقة العدة ، ونفقة المتعة ، إذا قام الزوج بتطليقها بإرادته المنفردة ، وحضانة الأولاد ، ومسكن الحضانة أو بدلاً عنه ، وأجر الحاضنة ، ونفقة الأولاد شاملة جميع أوجه النفقة ، من مأكل ومشرب وملبس ، والرسوم الدراسية للمحضون ، والرجل له دعوة واحدة فقط وهي الرؤية وهذا يشكل عبأ كبير عليه وتعب نفسي للأطفال ، ولو كان القانون ألزم الحاضن بجميع النفاقات ما رأينا إمرأة تخطوا أعتاب أقسام الشرطة والمحاكم ولا كُنا شاهدنا هذه الإستماته القوية في حب وحضانة الصغار فالأمر كله لديهن هي المكتسبات والفائدة المادية فقط .

 

أما عن معاناة المرأة التي لا يستوعبها الكاتب تتمثل في ألية التطبيق والتنفيذ وليس القانون على الإطلاق ، إذ يتعمد البعض إلى إطالة أمد التقاضي ، بإقامة دعاوى منفردة للمطالبة بكل حق من الحقوق السابقة على حد ، فتجد الأم نفسها في دوامة لا تنتهي كما شاهدنا بأن الطرف الأخر مُنعدم الضمير والأخلاق ، من عينة الزوج وهذا هو المطلوب إثباته بأنه يُماطل ويتلاعب في تقييم مصادر دخله ، ويتهرب من سداد إلتزاماته ، والحاضنة تسعي بكل جهدها بأنه يملك مغارة علي بابا ، ولكن نلاحظ العقم وطول الوقت مافعلته هي طليقته من إقامة دعاوى منفردة لكي تحصل علي العديد والكثير من المكتسبات ، لا مانع من إقامة دعوى واحدة تجمع كل المطالبات المشار إليها ما يوفر كثيرًا من الوقت والجُهد والمصاريف ، إذ أنه بصدور القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن إنشاء محاكم الأسرة أصبحت قضايا الأسرة تنظر أمام دوائر كلية مشكلة من ثلاثة قضاة أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بالمحكمة الإبتدائية وتختص دون غيرها بنظر جميع دعاوى الأحوال الشخصية أيا كان نوعها أو قيمتها ، ولكن الأمر هو كما ذكرت .

 

والهدف من هذا العمل هو تغيير القانون الذي يجرد الأب من جميع مستحاقه في تربية أولاده ، وإنصاف المرأة بشكل بزخ ، ويجب أن ندرك جميعًا أن المشكلة الرئيسية ليست في القانون أيا ان كان مواده ، لكن في الأخلاق ، والثغرة ليس في التطبيق بل في الإنسانية ، وقبل أن ننحاز إلى طرف هو يملك جميع أدوات الحرب ضد بالقانون على حساب أخر ونوجه سهام النقد عن عدم عِلم ورؤية واقعية يجب أن نقدم رسالة نبيلة تتضمن توعية رشيدة ، تستند على أساس واضح مفاده ، أن الله عز وجل شرع الطلاق كـ حل إذا لم تستقم الحياة الزوجية ، وليس كإعلان حرب طرف علي الأخر .

 

كلنا شاهدنا سفينة تيتانيك كان علي متنها ما يقارب 2230 شخصًا تم إنقاذ 706 فقط ، هذا يعني أن 1524 لقوا مصرعهم ، في أحداث الفيلم توفي تقريبًا أغلب الناس بسبب الغرق ، بينما مات البطل بعد ساعات ، بسبب برودة الماء وليس الغرق ، أغلب من شاهد هذا الفيلم لم يشعر بأي نوع من التعاطف تجاه المئات الذين ظهروا في الفيلم وهم يغرقون ، بالرغم من أن أغلبهم نساء وأطفال ، وكانت أمنية كل شخص يشاهد هذا العمل هو أن يعيش البطل والبطلة وأن ينجوا من الغرق ويعيشان في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات ، لكن لا أحد سأل نفسه لماذا شعرت بالتعاطف مع البطل ، وهو لصٌّ ومدمن خمر ولاعب قمار ! ولم أتعاطف مع المئات من النساء والأطفال وكبار السنِّ ، الذين ظهروا وهم يغرقون ويصرخون ! والجواب هو : إستطاع المخرج أن يسلط الضوء على البطل والبطلة فقط ، وكأنهما الوحيدان على متن السفينة ، وجعلك تحبهما وتتعاطف معهما بالرغم من كل عيوبهما ، وتتناسى في نفس الوقت الأطفال والنساء الذين غرقوا من حوله وكأن لا وجود لهم ، علي غرار فيلم نهر الحب للراحلان عمر الشريف وفاتن حمامة .

 

هكذا يتلاعب بنا الإعلام الغربي منذ عقود ، كل يوم يسلط الضوء على مايريد وفق رؤيته السياسية أو الجهوية أو المنفعة المادية ، وليس من زاوية الحق ، وكل الأطراف المتصارعة والمتنازعة في عالمنا اليوم في مشارق الأرض ومغاربها ترينا المشهد من زاويتها هي فقط لكن الحقيقة شيء أخر بعيد كل البعد عن واقعنا وثوابت ديننا وعقيدتنا وأصولنا التي نشأنا وتربينا عليها .

 

فالإعلام الهوليودي بكل وسائله يمارس هذا العبث على مدار الساعة ، وهو ما يعرف بالحرب النفسية حيث يقومون بتضخيم القدرات الغربية وتصغير قدراتنا أمام قوتهم الزائفة التي صدروها لنا من خلال أفلام الأكشن والخيال العلمي ، وكل ما أرادوا زراعته في عقولنا وأفئدتنا هو أننا لا نستطيع مواجهتهم أو مُجرد مقارنة أنفسنا بهم ، مع أن حضارتهم الحديثة العهد ما بُنيت إلا علي أكتاف عُلمائنا في جميع المجالات وللمقال بقية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock