دين ودنيا

وقفه مع وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون ” الجزء الرابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون، وإن الله تعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا، وأعظم ذخرا، وأجدر باهتمام الإنسان، وخير له في الدنيا والآخرة، وإن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وأيضا فعل الخير هو الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالا دون سابق إخبار فقال لهم “من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن تبِع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة” رواه مسلم.

والملاحظ أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادا أن يبادر أيامه الخوالي بالاستكثار من الباقيات الصالحات، وكذلك فإن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى، فيقول تعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره” والمعنى أن أي فعل مهما كان قليلا، حتى لو كان مثقال ذرة فإن الله يجزيه على عمله، ويرى نتيجة فعله، واعلموا أن الله تعالى لا يضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أنثى، فقد جاء أعرابي إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقال ” يا رسول الله عظني ولا تطل، فتلا عليه هذه الآية وهى قوله تعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره” فقال هذا الأعرابى قد كفيت، فلما قال قد كفيت، قال عليه الصلاة والسلام” فقه الرجل” وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة، فإن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيمانى.

حيث قال تعالى كما جاء فى سورة الحشر ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” أى يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة، ويطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة، ولا ينتظرون منهم أي مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحي الالهي ودخل علي زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها ويقول زملونى، زملونى، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سبب في حفظ الله تعالى له، فقالت “كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” وإن عمل الخير هو استسلام لأمر الله تعالى حيث يقول الله تعالى ” وأحسن كما أحسن الله إليك” فهو أمر قرآني أن يقابل الإنسان إنعام الله عليه بالمال، أو بالصحة، أو بالوقت.

بالإحسان على الآخرين، وتقديم الخير لهم، سواء بالمال، أو بالمشورة الصادقة، أو بالمواساة، وكذلك فإن عمل الخير يعطي الخيرية لأصحابه، حيث قال الله تعالى ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية” وقيل أنه سأل نبى الله موسى عليه السلام يوما فقال يارب أنت أرحم الراحمين، فكيف جعلت نارا ستدخل فيها الناس؟ قال يا موسى” كل عبادي يدخلون الجنة إلا من لا خير فيه” فإن عمل الخير هو يسبب الراحة النفسية، فتقول الدراسات العلمية إن الإكثار من فعل الخيرات يؤثر إيجابيا على الحالة النفسية للإنسان بل وتقي من أمراض القلب، وإن الخير الذي أشار الله تعالى إليه، ينتظم في كل بر، ويشمل كل عمل صالح، فطاعة الله خير والإحسان إلى الناس خير والإخلاص والنية الطيبة خير، والإحسان إلى الناس خير وبر ذوي القربى خير والقول الجميل خير، ونظافة الجسد خير، وإماطة الأذى عن الطريق خير،وغراس الأشجار خير، والمحافظة على البيئة من التلوث خير، واحترام الآخر خير.

والصدق خير والالتزام بالوعد والعهد خير، وبر الوالدين خير وإغاثة الملهوف خير، ورعاية الحيوان خير، والرياضة البدنية خير، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالمجتمع فهو خير، والدعوة إلي الله تعالى خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرخير، والعدل خير والسلام العالمي خير، والاستزادة من العلم والحكمة خير، لقول الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا” كذلك فإن مجالات العمل الخيري كثيرة ومتعددة، ومن أهداف العمل الخيرى، هو إرضاء الله عز وجل، والحصول علي الأجر والثواب، و دعوة الناس إلى الإسلام، وأيضا فعل الخير بما يضمن للآخرين حق الحياة الكريمة، وكذلك يحقق التنمية ومساعدة الآخرين، ونشر قيم التضامن والتسامح والتعاون، وإن دعوة الإسلام كانت دائما إلى فعل الخيرات والمسارعة إليها، حتى تكون رصيدا تسمو بالإنسان، وتصل به إلى أعلى الدرجات، لأن الشمس لا تنتظر أحدا، والزمن يمضي سريعا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock