مقالات

الدكروري يكتب عن أساس إقامة المجتمعات

الدكروري يكتب عن أساس إقامة المجتمعات

 بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان من حُسن عشرته وجمال أدبه، وبسط خلقه مع سائر الناس، فمما تواتر به صحيح الأخبار، فهذا هو الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أقرب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا، وأصدقهم لهجة، وألينهم عَريكة، وأكرمهم عشرة، وكان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه، ويحذر الناس من غير أن يطوي عن أحد بشره وبشاشته، وكان أكيس الناس، وكان يعطي كل جلسائه نصيبهم من الإكرام حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه ما التقَم أحد أُذن النبي صلى الله عليه وسلم يحادثه، فينحي رأْسه.

حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه أولا وما أخذ أحد بيده فيرسلها، حتى يرسلها الآخر، وتقول عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته عن أعين الناس بساما ضحاكا، وجاء وفد النجاشي، فقام عليه الصلاة والسلام يخدمهم بنفسه، فقال له أصحابه يا رسول الله، إنا نكفيك ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم ” إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأنا أحب أن أكافئهم” أما بعد فإن الرحمة صفة تقتضي إيصال المنفعة والمصالح إلى العبد ودفع الضرر والشهوات عنه، وكما تنبع أهميتها في أن الله تسمَّى واتصف بالرحمن والرحيم، وهي أساس مهم يقوم عليها المجتمع فرحمة الله تتجلى بعطفه، وإحسانه، ورزقه لعبده، كما تتمثل الرحمة بصور عديدة في حياتنا كرحمة الأب بابنه.

فهو يعمله ويأدبه ليدفعه عن المساوىء والآثام، وإن الحياة تعاون وبذل وتضحية، والإنسان كلما كان أشد مواساة لأخوانه, كلما كان أقرب عند الله عز وجل, أو بالعكس، كلما ازداد إيمانه, اشتدت مواساته لأخوانه، فإن الإسلام حركة وعمل وبذل وعطاء، وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن للفقر لوعته وللعوز حرقته، وكم هي مُرة تلك الآلام والحسرات التي يشعر بها ذلك الفقير المعدم، حين يرمي بطرفه صوب بيته المتواضع المملوء بالرعية والعيال، وهم جياع لا يجدون ما يسد جوعتهم، ومرضى لا يجدون من يعالجهم، كم من مدين أرهق ظهره ثقل الدين، وناء جسده عن تحمل هذا الهم المؤرق، وكم من فقير ضاقت به الدنيا وانسدت في وجهه أبواب الرزق، لولا بقية باقية من الأمل والرجاء فيما عند الله عز وجل.

وإن جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل ونبل محتد وكرامة أصل وأصالة معدن، وشهامة مقدرة ورجولة مباركة، فتطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين، وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، وكل منا يتعرض في حياته للهموم والكروب والضيق والاحزان، ويصبح بحاجة إلى من يأخذ بيده ويجبر بخاطره ويمسح عن قلبه غاشية الحزن ويرفع عن صدره جاثمات الكرب، فجبر الخواطر يعني فيما يعنيه تثبيت الآخر ورفع همته وتهوين مصيبته وإقالة عثرته والأخذ بيده حتى يقف على قدميه، فما أجمل وأنت في غمرة الحزن، أن تمتد إليك يد تسعفك أو تسبق إلى أذنك كلمة تشد من ازرك وتسعدك، وتهون من امر المصيبة وتنجدك.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock