مقالات

الدكروري يكتب عن الإستفادة من الأزمان الفاضلة

الدكروري يكتب عن الإستفادة من الأزمان الفاضلة

الدكروري يكتب عن الإستفادة من الأزمان الفاضلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كرمه الله وليس بعد تكريم الله تكريم، وخلد اسمه في كتابه الخالد، فذكر اسمه الصريح، وذكره بوصف الرسالة مبعث العظمة، وذكره بوصف العبودية لله الواحد، وذكره بعظمة خُلقه، وذكره برحمته للمؤمنين، وبرحمته للناس أجمعين، وذكره بأنه المزكي للنفوس، والمعلم للكتاب والحكمة، وذكره سبحانه بكل هذا كما ذكره بالتبشير والإنذار
inbound6121987081423401121
، وبأنه شهيد على أمته، وبأنه صاحب المقام المحمود، وجعل محبته من محبته، وطاعته من طاعته، وذكره في كتابه الخالد بهذا وبغيره من أوصاف التكريم بل من الأوصاف التي طبعه عليها وصاغه بها بيانا لحقيقته، ورسما لوظيفته صلي الله عليه وسلم، ولم يقف التكريم الإلهي. 
لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عند هذا الحد، بل جعل له ذكرا في الأولين إذ كتبه في التوراة والإنجيل، وبشر به على لسان نبي الله عيسى بن مريم، وجعل له ذكرا في الآخرين إذ قرن بينه و بين اسمه الكريم في كلمه التوحيد التي بها يكون المرء مسلما، والتي هي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، وإذ جعل المناداة باسمه جزءا من الأذان الذي يكرر في كل يوم خمس مرات بصوت مسموع إيذانا بالصلوات المفروضة، وجمعا للمسلمين على عبادة الله، وفي التشهد كلما صلى مسلم فرضا أو نقلا، فكم إذن من ملايين تفتر شفاهم، وتنطق ألسنتهم بذكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة كلما أذن مؤذن أو أجاب مجيب، أو صلى مصلي أو آمن مؤمن، أو تلا قارئ أو حدّث محدث.
فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فينبغي علي العبد المسلم أن يستفيد من الأزمان الفاضلة، والأوقات المباركة التي اختصها الله تعالى بشعائره العظيمة، فيعظمها كما عظمها الرب تبارك وتعالى ويخصها بكثرة النوافل والقربات، وإن الخسران كل الخسران أن يصرفها العبد في اللهو والغفلة، والتمتع بما حرم الله تعالى عليه، ولربما كانت هذه العشر آخر موسم مبارك يدركه العبد في حياته، فلعل الموت يبغته في أي لحظة، ولقد اختص الله تعالى بعض الأزمنة بعبادات فضلت بها على غيرها من الزمان، كما اختص ثلث الليل الآخر دون سائر الليل والنهار، بتجليه سبحانه وتعالى للمستغفرين من عباده والسائلين والداعين، واختص يوم الجمعة بهذه الصلاة العظيمة. 
وبساعة الإجابة فيها، واختص رمضان بوجوب صيامه، ومشروعية الجماعة في قيامه، واختصت عشر ذي الحجة باجتماع أمهات العبادات فيها، فكان العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها فالصلاة، والدعاء، والصدقة، والجهاد، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغيرها من القربات هي في عشر ذي الحجة أفضل منها في غيرها، فإن هذه العشر المباركات التي نبتدئها بعد أيام هي أفضل أيام السنة، والعمل الصالح فيها أيا كان نوعه أفضل منه في غيرها، وهي تقع في آخر شهر من السنة، فكأنها تعويض للمفرطين في عامهم ليتداركوا أنفسهم، ويعوضوا فيها ما فاتهم، ويدركوا بها منزلة من سبقهم، ومن فضل الله تعالى أنها كانت في آخر العام 
فإن العبد يتذكر بنهاية سنته نهاية عمره، ويندم على ما فرط في أيامه الخالية، ويعقد العزم على استثمار ما بقي من حياته، فإذا هو يستقبل هذه العشر المباركة ليفي بوعده لربه، ويصدق مع نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock