دين ودنيا

وقفه مع زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 9″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع زيد بن ثابت الأنصاري، وتخلف عبد الله بن أبي عن القتال هو ورجال من الخزرج على رأسهم عمرو بن الجموح، فما كان من الخزرج إلا تولية عمرو بن النعمان البياضي قائدا لهم بهذه الحرب وبدأوا بتجميع الحلفاء ومراسلتهم فراسلوا جهينة وأشجع فجاوبوهما وهكذا، بدأ الفريقان يحشدان الجموع ويألبان الأنصار لليوم المزمع الموعود، وبعد الاستعداد الطويل لهذا اليوم المرتقب، وتجلي الخوف السائد للطرفين، وازدياد الاحتقان المتصاعد، قد احتشد الطرفان في بُعاث وهي منطقة لبني قريظة, وما لبثا حتى ألتقيا ودارت رحى المعركة فأنكسر الأوسييون عندما اشتد وطيس المعركة ولم يقاوموا فانهزموا هزيمة واضحة ولاذوا بالفرار.
إلا أن قائدهم حضير الكتائب قام بطعن قدمه بالرمح وصاح بأعلى صوته، واعقراه كعقر الجمل، والله لا أعود حتى أقتل فإن شئتم يا معشر الأوس أن تسلموني فافعلوا, وعندما سمعوا صوته عطفوا عليه عطفة رجل واحد واستعرت الحرب واشتد سعيرها فقلب الأوسيون الحال رأسا على عقب وقتل عمرو بن النعمان رئيس الخزرج، بسهم لا يُعرف له رامى, وحُمل ملفوفا بعباءة يحمله أربعة وعبد الله بن أبي بن سلول ينظر فيه من بعيد، ويقول ذق وبال البغي، فكان كل ما قاله ابن أبي قبل المعركة قد وقع، وها هو الآن يرى عمرا محمولا على الأكتاف كما أخبره من قبل، وليس إلا وقت قليل وينهزم الخزرج هزيمة نكراء والأوس من خلفهم بالسلاح.
لا تأخذهم بهم رحمة فصاح أحد الأوسيون يا معشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب، ومع هذا الصوت توقفوا عن قتلهم وسلبهم ولكن النضير وبني قريضة فعلا، ومات حضير قائد الأوس فيما كان قومه يحملونه، ولقد كانت هذه الحروب الأهلية قد أنهكت اليثربيين أوسهم وخزرجهم، وبعد يوم بعاث قرر عقلاء الطرفين وضع حد لهذه الحال فاتفقوا على تنصيب رجل واحد منهم يقبله الطرفان فوقع الاختيار على عبد الله بن أبي بن سلول, وفيما كانا يُجهزان له ملكه حدثت بيعة العقبة الأولى والثانية ودخل الإسلام يثرب ثم هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فزال مُلك ابن أبي قبل أن يهنأ به ولو ليوم واحد فعاش عبد الله بن أبي.
تحت سيادة النبي صلى الله عليه وسلم، كأكبر منافق ومعاد للنبي صلى الله عليه وسلم، عرفه التاريخ الإسلامي، والسبب في هذا واضح فهو كان يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد انتزعه ملكه الذي كان يُجهز له، وكان يوم بعاث نهاية لحروب يثرب بين الأوس والخزرج حيث أنهم اصطلحوا على ايقاف الحرب ثم دخلوا في الإسلام جميعا وأصبحت سيوفهم تسل على عدو واحد دفاعا عن عقيدتهم، وقال زيد بن ثابت رضى الله عنه كانت وقعة بعاث وأنا بن ست سنين وكانت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخمس سنين فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنا بن إحدى عشرة سنة.
وأتي بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا غلام من الخزرج قد قرأ ست عشرة سورة فلم أجز في بدر ولا أحد وأجزت في الخندق، وهكذا تظل سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم زيد بن ثابت نموذجا يحتذى به على مر العصور والقرون واختلاف الأزمان، لما لهم من منزلة عظيمة وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة أبرزها المعرفة بسيرتهم، وإن الجد والاجتهاد هم مفتاح نجاح أي إنسان ومن المستحيل أن نجد إنسان ناجح لا يجتهد في عمله ويبذل كل طاقته في سبيل نجاح ذلك العمل، ولأهمية الاجتهاد قد أمرنا الدين الإسلامي بالحرص عليه والابتعاد عن الكسل والتواكل، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بالجد والاجتهاد في العمل وذلك في الكثير من آياته، ولكي نستطيع تحقيق النجاح علينا أن نعي جيدا قيمة الوقت ونقوم بتخطيطه وتنظيمه حتى لا يمر دون أن نقوم بأي شئ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock