الدكروري يكتب عن عمل الرسول بين أصحابة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابة، حتي في حفر الخندق في المدينة لمواجهة الأحزاب، وكان هذا كله دافعا للصحابة على العمل حيث يرون قائدهم ورسولهم صلى الله عليه وسلم معهم في خندق واحد، يعمل كما يعملون، ويأكل مما يأكلون، وينام على مثل ما ينامون، وما زادهم ذلك إلا إيمانا وتسليما، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم صحابته إلى أن يقتدوا به في أقواله وأفعاله، وخصوصا في العبادات، فلم يُعد مجلسا لشرح أركان الصلاة وسننها ومبطلاتها وإنما قال صلى الله عليه وسلم ” صلوا كما رأيتموني أصلي” رواه البخاري، وفي الحج قال صلى الله عليه وسلم “خذوا عنى مناسككم” رواه مسلم والنسائي، ولما علم الرسول شدة اقتداء الصحابة به وخاصة في مناسك الحج خشي عليهم الازدحام والتقاتل في أداء المناسك فرفع عنهم الحرج.
فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم” قد نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، ووقف بعرفة، فقال قد وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف، ووقف بالمزدلفة، فقال قد وقفت هاهنا، والمزدلفة كلها موقف” رواه أبوداود، وفي الصيام اتبعوه في الوصال فنهاهم رحمة ورأفة بهم وشفقة عليهم، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين” رواه الحاكم، ويقول صلى الله عليه وسلم” إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع ؟” رواه النسائي، إنه النبى محمد صلى الله عليه وسلم، سيد الخلق، وحبيب الحق، إنه الرحمة المهداة والنعمة المزجاة، إنه أرحم الخلق بالخلق، أحرص الخلق على هداية الخلق.
سيد الأنبياء والمرسلين، أقسم الله بعمره الثمين، فقال “لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون” فكان صلى الله عليه وسلم هو الإنسانَ الكامل في إنسانيته، وكامل في شريعته إذ جعلها تلائم بني الإنسان، وكامل في إنسانيته، عندما يتعامل مع زوجاته وأطفاله، وكامل في إنسانيته مع نفسه ومع مشاعره، وكامل في إنسانيته مع أعدائه، ولم لا وهو رسول الإنسانية، الذي أعطى الإنسان قدره، ورفع من شأنه وكرّمه؟ فإن المتأمل في التشريعات التي جاءت على لسان خير الكائنات صلى الله عليه وسلم، ليلمس فيها الجانب الإنساني الذي يقدر إنسانية المسلم، ويعرف قدرته وطاقته لذا جاءت التشريعات تحمل المعنى الإنساني في اليسر والسهولة، والرفق والرحمة، وإليكم بيان ذلك، فقد قال الله تعالى فى سورة النساء.
” يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا” وقال ابن كثير فى قوله تعالى ” يريد الله أن يخفف عنكم”أي في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم ولهذا أباح الإماء بشروط، كما قال مجاهد وغيره، ” وخلق الإنسان ضعيفا” فناسبه التخفيف لضعفه في نفسه، وضعف عزمه وهمته، وقال الطبري، يعني جل ثناؤه بقوله ” يريد الله أن يخفف عنكم ” أن ييسر عليكم، ويقول الله عز وجل فى سورة الحج “وما جعل عليكم فى الدين من حرج” فعن السيدة عائشة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها فلانة لامرأة فذكرت من صلاتها، فقال “مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله عز وجل حتى تملوا، إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه” وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفروا” وفي رواية، قال صلى الله عليه وسلم “وسكنوا ولا تنفروا“
زر الذهاب إلى الأعلى