أخبار مصر

الدكروري يكتب عن المصدرين الأصيلين للشريعة

الدكروري يكتب عن المصدرين الأصيلين للشريعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا ورسولنا محمدا عليه الصلاة وأتم التسليم، أما بعد إن من عوامل مرونة شريعة الإسلام ونظمه هو خصوبة وتنوع المصادر التشريعية حيث إن هذه المصادر ليست منحصرة في دائرة نصوص تفصيلية محدودة، كأنها مواد قانونية جامدة مقصورة على أمور بعينها، دون إتاحة المجال لعمل العقل وجهده، كلا، بل هناك مجال واسع للعقل في التعامل مع القضايا والمشكلات، ووضع الحلول لها مسترشدا بنصوص الشرع، وملتزما بروحه ومقاصده، ومن هنا كان القرآن والسنة المصدرين الأصيلين، ثم كانت هناك مصادر أخرى تبعية كالقياس والاستصلاح وهي المصلحة المرسلة، والاستحسان، والعرف، والاستصحاب، وسد الذرائع.

وغيرها وهذه المصادر للاجتهاد فيها دور واضح، ومكانة بارزة، وليس معنى هذا أنها منقطعة الصلة بالقرآن والسنة، أو أنها تعمل بعيدا عنهما، كلا، بل إنها من معينهما تستقي، وعلى أساسهما تعمل، وفي ضوء هديهما تسير، وإن هذا الأمر المتعلق بتنوع المصادر التشريعية للأحكام والنظم من شأنه أن يجعلها قادرة على مواجهة كافة ما يستجد من قضايا، وما تتمخض عنه حركة التطور التي تشهدها المجتمعات الإنسانية على مر العصور، في سلاسة ومرونة، عن طريق استنباط الأحكام الشرعية المناسبة لما ينزل بالناس ويطرأ على حياتهم، من خلال هذه المصادر والأدلة، ومن أجل هذا حكمت الشريعة الإسلامية أماكن شاسعة وأقطارا واسعة، وأجناسا شتى من البشر، أزمنة عديدة، وقرونا مديدة.

فما عجزت عن الوفاء بحاجات من استظلوا بظلها من المسلمين وغيرهم، بل قدمت العلاج لكل مشكلة، والدواء لكل علة، من غير تكلف ولا إعنات، أو تحميل للناس ما لا يطيقون، ولا تزال هذه الشريعة وسوف تظل تملك القدرة على علاج البشرية الحائرة من أوجاعها، إذا ما أوى الناس إليها، وخاصة المسلمين اليوم فإن عليهم أن يعودوا إلى شرع ربهم عودة صادقة، ليقدموا للعالم نموذجا يحتذى، ومثلا صادقا في التمسك بشرع ربهم، وجعل نظم الإسلام هي الحاكمة والمهيمنة في حياتهم كلها، ليحيوا الحياة الراشدة، وينالوا عز الأولى والآخرة، وإن الحلم هو ضبط النفس عند الغضب، وكظم الغيظ، والعفو والتجاوز عن السيئات، وقد تكررت في القرآن الكريم الآيات التي تحث المسلمين على اكتساب صفة الحلم والتحلي بالعفو والإحسان.

وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يلقى من قومه أشد الإعراض ومختلف أنواع الأذى، فيمتنع عن سؤال ربه إهلاكهم، بل يدعو لهم بالغفران، وهذا منتهى الحلم، ويحكي حاله ابن مسعود رضي الله عنه فيقول كأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” ولم يستخفه صلى الله عليه وسلم عصيان العصاة، أو يستفزه إعراض الجاهلين، بل صدر عفوه عمن استهزأ بالإسلام حتى بعد الفتح، والسيطرة على مكة، كما فعل أبو محذورة رضي الله عنه، لما سمع الأذان، ثم تكلم بالسوء عن المسلمين، فحلم عنه وأدى ذلك إلى إسلامه طائعا، كما حلم عن فضالة رضي الله عنه لما حاول اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، فحلم عنه ولم يعاجله بالعقوبة، بل دعا له بالهداية والثبات، فانقلب لأهله مؤمنا صادقا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock