لم أعد جزءا منهم

لم أعد جزءا منهم
بقلم /سلمى على فتحى
عندما يبدأ الرضيع تعلم المشي.. نحن لا ننتبه حقا إلى التفاصيل والخطوات التي أدت إلى تعلمه.. صحيح أن البعض يظن أنه كان منتبها خلال تلك الفترة إلى ما يصيب الرضيع من تغيرات، لكن.. أليس هذا ما تحاول أعيننا إقناعنا به؟.. أليس هذا مشابها لما يحدث عندما تنظر نفسك الشابة إلى الطفل الذي تركته خلفك؟.. إنك لا تنمو فقط، بل إنك تتغير لتصبح شخصا آخر.. لكن التغيرات التي أدت إلى ذلك أبعد من أن تراها عيناك الصغيرتان، وعندما تنظر عيناك الناضجتان تلك التغيرات، تكون قد أدت هدفها بالفعل..
لا أظن أن كثيرا منكم يحبون سماع هذا.. لا يوجد هذا القدر من الناس الذين يصدقون أنهم تغيروا.. البقية لا يعيرون اهتماما لهذا على الأرجح.. هذا ما أخبرني به ذاك الرجل..
“أذكر جيدا لهوي في صباي.. أذكر كيف كنت جزءا من ذاك العالم.. أني كنت في يوم من الأيام ألمس تلك الحقيقة بيدي… لكنني أجد نفسي أتساءل الآن.. هل عشت هذا حقا؟.. أم أن كل هذا كان مجرد حلم عابر؟.. تلك الصور الممزقة.. تلك الذكريات المبعثرة.. تلك الوجوه التي يخفيها الضباب الآن… ما بال هذا؟!.. أنا لا أريد ترككم بعد..
مع أنني قلت هذا، يبدوا أنني من تركهم.. خطواتي التي لا تنتظم مهما حاولت حسابها.. أفكاري التي لا تثبت مهما حاولت إمساكها.. عواطفي التي لا تهدأ مهما حاولت إخمادها… إن الأمر يبدو كأنني لا أرى سواي.. لم أستطع رؤية من يدفعني بعيدا عن تلك الأبواب.. لا أذكر من فتح لي أبوابا أخرى… أردت المضي خلف ذلك الصوت الذي يناديني.. لكنني توقفت عن سماعه في منتصف الطريق.. لم أعر هذا اهتماما، إنما تركت الطريق يقودني إلى نهايته..
“لم المكان هادئ هنا؟.. لا أستطيع سماع شيء.. أين أنا؟”.. عندما نظرت حولي.. هناك الكثير من الأشخاص هناك.. لكنني لم أستطع وصولهم.. هناك ما يمنعني من الخروج.. الأمر يبدو كأنني حُجزت هنا.. أما من أحد يسمع صراخي؟!.. أما من أحد يستطيع رؤيتي؟!.. لمَ.. لم يجيبني أحد؟!.. أحد ما.. رجاء.. أخرجوني من هنا؟!”