وقفه مع المراهقون والنت ” الجزء الرابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع المراهقون والنت، والمراهقه قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي مرحلة المراهقة الأولى وهى ما بين سن الحادى عشر إلى الرابع عشر عاما، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة، والمرحلة المراهقة الوسطي وهى ما بين عمر أربعة عشر وثمانى عشر عاما،
وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية، ومرحلة المراهقة المتأخرة ما بين سن ثمانى عشر إلى واحد وعشرين سنه، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنسانا راشدا بالمظهر والتصرفات، ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد، وإن افتقاد القدوة الحسنة في ظل سماء ملبّدة بمَن يريدون العبث بأفكار شبابنا، هو عين الخطر فقد أدرك العدو أن عزتنا في ديننا، فلم يدخر جهدا في تشويش أفكار شبابنا، فاعوج الفكر إلا مَن رحِم الله واهتزت الهوية، فصارت هيئتنا تلتبس علينا من فرط التقليد التباسا، وصارت أفكارنا تستغربنا، بعدما تركنا لأفكار غيرنا الحبل على الغارب، فعاثت في أرض قيمنا فسادا واستبدادا، وما لنا نتكاسل؟
وما لنا نتخاذل؟ ألسنا خير أمة؟ أليس لدينا خير قدوة؟ فكم هو عظيم ديننا، وكم هي راقية مبادئنا، فليُبحر فيها شبابنا، وليعضّوا بالنواجذ على شراعها، مهما اشتد الموج، ومهما برقت أفكار العدو وأرعدت، فنحن خير الأمم، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير البشر، من أهدى البشرية أنبل القيم والمبادئ والأخلاق، وإن المشكلات التي تطرأ على المراهقين سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات المرحلة من قبل الآباء والمربين، وأيضا عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها ولهذا يحتاج المراهقون في هذه الفترة الحساسة من حياتهم إلى التوجيه والإرشاد بعد فهم ووعي لهذه السلوكيات، وذلك من أجل ضبط عواطفهم الحساسة، وتعديل سلوكهم، وتهذيب أنفسهم حتى نحافظ عليهم من الانسياق المتطرف وراء رغباتهم ونزواتهم، وأيضا نحتاج إلى برنامج يتسم بالهدوء والشفافية واللطافة، بعيدا عن القسوة في التعامل، الذي لا ينتج عنه سوى المزيد من العناد، والمزيد من الإصرار على الخطأ.
وأما عن علامات بداية مرحلة المراهقة وأبرز خصائصها وصورها الجسدية والنفسية، فإنه بوجه عام قيل أنه تطرأ ثلاث علامات أو تحولات بيولوجية على المراهق، إشارة لبداية هذه المرحلة عنده، وهي النمو الجسدي حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولا ووزنا، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات، وكذلك النضوج الجنسي، حيث يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بظهور الدورة الشهرية، ولكنه لا يعني بالضرورة ظهور الخصائص الجنسية الثانوية مثل نمو الثديين وظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الأعضاء التناسلية، أما عند الذكور، فالعلامة الأولى للنضوج الجنسي هي زيادة حجم الخصيتين، وظهور الشعر حول الأعضاء التناسلية لاحقا، مع زيادة في حجم العضو التناسلي.
وفي حين تظهر الدورة الشهرية عند الإناث في حدود العام الثالث عشر، يحصل القذف المنوي الأول عند الذكور في العام الخامس عشر تقريبا، وإن لمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، يجب أن يحل حل عملي، سهل التطبيق، فهناك مشكلة وهى وجود حالة من الصدية أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر، وقيل إن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم حتى إن فهموها ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم، ومعالجة هذه المشكلة لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي.
بدل التنافر والصراع والاغتراب المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلا لا شكلا بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه وأن له حقا مشروعا في أن يصرح بهذه الآراء، والأهم من ذلك هو أن يجد المراهق لدى الأهل آذانا صاغية وقلوبا متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم، وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين، جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه، ويجب محاولة الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها بنعم أو لا، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة، وافسحا له مجالا للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما ألفاظا قد تكون جارحة دون قصد، مثل “كان هذا خطأ” أو “ألم أنبهك لهذا الأمر من قبل؟”