مقالات

الدكروري يكتب عن تجريد الإنسان من سلاح العدوان

الدكروري يكتب عن تجريد الإنسان من سلاح العدوان

الدكروري يكتب عن تجريد الإنسان من سلاح العدوان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد أوقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه حد السرقة في عام المجاعة لاضطرار الناس إلى ذلك، والمجتمعات الحديثة المتحضرة لا زالت تتخبط في تقنين العقوبة المناسبة للسرقة، ذلك لأن التشريع البشري يتأثر بأشياء كثيرة، أما التشريع الإلهي، فهو ثابت لا يتأثر بشيء، وقطع يد السارق يعني تعطيل أداة رئيسية من أدوات الجريمة، وتجريده من سلاح العدوان والمقاومة، إذا أضيف إليه ما يُحدث قطعها من تنبيه وتحذير، ومعنى السرقة الأخذ عن طريق الاستخفاء، والمال في حرز، وقدره عشرة دراهم أو ربع دينار، وإذا كان السارق يريد زيادة الكسب عن طريق حرام، فإن قطع اليد لازم لأنه سيمنعه من ذلك، وكان أول ما أخذ النبى صلى الله عليه وسلم العهد على أصحابه في بيعة العقبة وهم في مةة، وكان المسلمون في حال الاختفاء. 

inbound6930449193885956784

على “ألا يشركوا بالله شيئا، ولا يسرقوا، ولا يزنوا” فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العهد على الرجال بعدم السرقة، وعلى النساء أخذ العهد أيضا بنص كتاب الله تعالى، وروى الإمام مسلم “أن السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت “كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن، فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة” أي الامتحان “وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم “انطلقن فقد بايعتكن ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، غير أنه يبايعهن بالكلام” وقال النبي صلى الله عليه وسلم لاعنا السارق، مبينا دعاءه عليه بالطرد والإبعاد من رحمة الله “لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده ” رواه البخاري ومسلم. 

وهذه لعنة على السارق من الرسول صلى الله عليه وسلم فالذي يسرق في البداية الشيء اليسير كالبيضة والحبل، ثم يؤدي به الأمر إلى أن يسرق شيئا ذا قيمة، فتقطع يده في النهاية، وقد عاقب النبي صلى الله عليه وسلم أقواما سرقوا وقتلوا وكفروا عقابا أليما، وكانت السرقة إحدى جرائمهم، فإنهم قدموا من عكل أو عرينة، فاجتووا المدينة، نزلوا بها، ثم مرضوا، ولم يلائمهم جوها، فأحسن إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، علاج للحمى، وعلاج للمرض الذي أصابهم وبول كل ما أكل لحمه طاهر، فانطلقوا فلما صحوا أى رجعت إليهم الصحة، قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم أى أخذوا الإبل، فجاء الخبر في أول النهار، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم أبطال، فبعث في آثارهم.

فما ارتفع النهار حتى جيء بهم عند النبي صلى الله عليه وسلم حاضرين، ألقي القبض عليهم، أين يهربون؟ من شجاعة الصحابة ما ارتفع النهار إلا والحرامية عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها، وطرحهم بالحرة، على الصخور الحارة، يستسقون فلا يُسقون، قال أبو قلابة “فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله” وليبشر المسروق منه بأنه سيأخذ من حسنات السارق يوم القيامة، أو يؤخذ من سيئاته فتطرح على السارق، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، في هذا بيان أن المسروق منه ماله لا يضيع عند الله، عرف السارق، أو لم يعرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock