مقالات

“بدون مصروفات وتقبل جميع الأعمار

  “

بقلم د . صالح وهبة

أبوابها مفتوحة ليل نهار وتقبل مختلف الأعمار، أعدت مناهجها على أيدي خيراء وحكماء كبار، هذه المناهج عبارة عن مواقف وتجارب وأزمات وجغرافيتها معظمها تضاريس ومطبات .

لا تعرف الوساطة ولا المحسوبية وتعتمد في تعليمها على كلمات أشبه بمفاتيح سحرية، اذا استخدمت بشكل صحيح تنجح بأن تغلق بها فما مفتوحا للأذىة أو تفتح بها قلبا مكسورا في زمن البلية ، إنها “مدرسة الحياة”

التقويم في هذه المدرسة يعتمد على مدى استجابة المتعلم لهذه التجارب والمواقف الحياتية و أيضا ردة فعله ويتم تصنيف الخريجين الى ثلاثة أنواع :

الأول .. الذي يضعف امام التجارب والأزمات ويستسلم لها

الثاني .. الذي يخوض هذه التجارب ويكون صلبا قويا وقاسيًا من الداخل وينعكس ذلك على سلوكياته

الثالث .. الذي يجتاز الصعاب والتجارب ثم يتعلم منها ويستفيد بل ويستغلها في خلق شيء جديد يفيد به نفسه والبشرية أيضا . 

توضيح بأمثلة للأنواع الثلاثة ..

لو لدينا ثلاثة أوعية ممتلئة بالماء وعند بداية الغليان وضعنا في الأول حبة بطاطا وفي التاني بيضة وفي الثالث حبات من القهوة وانتظرنا مدة 20 دقيقة بعد نقطة الغليان ثم وضعنا كل نوع في إناء أخر ماذا نلاحظ ؟

سنجد حبة البطاطا اصبحت طرية وضعيفة

والبيضة التي كانت قبل وضعها في الماء المغلي سهلة الكسر اصبحت متماسكة وصلبة أما حبات القهوة نجدها غيرت لون الماء وحولتها الى مشروب جميل ذو نكهة لذيذة وهو مشروب القهوة.

هكذا الإنسان الذي يضعف أمام التجارب مثله مثل حبة البطاطا

والذي يجتاز التجربة ويصمد أمامها مثله مثل البيضة

والذي يجتاز التجربة ويتعلم منها ويخلق شىء جديد مختلف ومفيد له وللبشرية مثله مثل حبات القهوة ..

الخلاصة .. 

الشخص السوي والصحيح نفسيا هو الذي يأخذ دروسا إضافية مجانية من تجارب الحياة ليكمل ما درسه في المدارس العادية لأن غالبا ماتركز هذه المدارس على العلم أكثر من الجانب الأخلاقي “بدليل من واقع الحياة” كثيرا ما نجد من حملة الشهادات العليا فيهم المرتشي والمزور والذين غابت ضمائرهم وانعدمت من قلوبهم الرحمة كالذين يتاجرون في الأعضاء .

أنا شخصيا تعلمت كثيرا من مدرسة الحياة ..

تعلمت أن فوق كل ذي علم عليم بمعنى : مهما وصلنا من علم لا نعرف قطرة في بحر من علم العليم سبحانه وتعالى ” ونعرف أننا لا نعرف حينما نعرف أننا نعرف “

تعلمت.. أنصاف الحقائق ليست إنصاف للحقائق بمعني لا نسمع لكل ما يقال فقد يكون نصف الحقيقة

تعلمت .. لم ولن يوجد مستحيل طالما توجد إرادة لأن الإرادة القوية كفيلة بتحويل القيود الى أجنحة والمستحيل عادة يسكن في أحلام العاجز

تعلمت .. مش كل عسل حلو .. فلا أكون متاحا طول الوقت لابد من تصنيف العلاقة زميل .. صديق . أخ وهكذا ..

ولا أجادل الأحمق لانه لا يعترف بخطئه، ويبرر أقواله بخطأ آخر ..

 تعلمت .. لا أتعامل مع الكذاب الذي يضطر للكذب 20 مرة ليثبت الكذبة الأولى .

تعلمت أن شيوع الشر لا يعطي للشر شرعيته فلو تواجدت في بلد مملوءة بالفساد لا أنساق وراء عاداتها وتقاليدها بل أثبت على مبادئي .

وفي النهاية ..

لا أقول سوى هذه العبارة :

التعليم ليس شهادات فحسب ولكن يجب أن تتزين هذه الشهادات بألوان الفضيلة وتحاط ببرواز الحكمة وتتحلى بالمبادىء والقيم الإنسانية النبيلة ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock