الدكروري يكتب عن الأكاذيب حول العماليق
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
نجد في القرآن الكريم وصف دخول نبى الله موسى عليه السلام، وبني إسرائيل للأرض المقدسة وهى أريحا من فلسطين حاليا، أنهم تعللوا وجبنوا عن ذلك لأن فيها قوما جبارين، فالله عز وجل يصور لنا المشهد فيقول تعالى

فى سورة البقره “قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون” وقد ذكر المفسرون فيها أقوالا وروايات أجمعت على أنهم كانوا ضخام الجسم شديدي القوة والبطش، وبالطبع هناك روايات إسرائيلية مبالغ فيها جدا من الأكاذيب التي قال المفسر ابن كثير أنه يستحي من ذكرها، كمَن قالوا أن طولهم كان ثلاثة آلاف ذراع، حيث تعجب ابن كثير، إذا كان طول آدم عليه السلام ستون ذراعا فقط ثم الخلق ينقص إلى الآن.
فمن أين أتى هؤلاء بهذا الكلام، وأيضا قد جاء في آحاديث آخر الزمان وهو بعد قتل المسيح عليه السلام للدجال وبعد هلاك يأجوج ومأجوج يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى حديث طويل ” ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك أي كما كانت في أول زمان نزول آدم على الأرض والله أعلم، فيومئذ تأكل العصابة أي الجماعة، من الرمانة فتشبعهم، ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل وهو الحليب، حتى إن اللقحة من الإبل تكفي الفئام من الناس، إلى آخر الحديث كما عند ابن ماجة وغيره، وهذا قد يفسر مثلا العثور على آثار حشرة تنتمي لليعسوب ولكنها ضخمة جدا بالنسبة لحجمه، حيث المسافة بين جناحيها أكثر من نصف متر، وقد أسماها العلماء ومن المفترض حسب تقديراتهم.
أنها عاشت منذ ثلاثة مائة مليون سنة، وأما عن العماليق فلا يعرف متى استوطن العماليق في يثرب على وجه التحديد، وربما نزلوها قبل رحيلهم إلى العراق او بعد خروجهم من أرض مصر على يد الملك أحمس الأول، وقد اختلف المؤرخون هل هم الذين أسسوا يثرب أم قبيلة عبيل؟ وهل انتزعوها منهم؟ والذي يتفقون عليه هو أن وجود العماليق قديم في يثرب سواء في فترة التأسيس أو بعدها مباشرة، ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديما، وأنهم عرب، وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعا زراعيا ناجحا يحقق الإكتفاء الذاتي، وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم، وعاشوا حياتهم مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر، وعندما نمت التجارة أسهموا فيها.
ووصلت قوافلهم إلى غزة، ولكن تجارتهم بقيت محدودة لاتعادل تجارة أهل مكة، وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم، وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالا طائلة، وخافوا من عدوان القبائل الأخرى التي تجدب أرضهم وتشح مواردهم فبنوا الآطام، وهي حصون صغيرة لبضع عائلات وتحميهم من غارات الأعداء، وقد عمر العماليق في يثرب ماشاء الله، ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم، فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة، فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض، ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع بثرواتهم، وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا العماليق في حياتهم، وإلى حين قام الملك البابلي الكلداني نابونيد بشن حملة عسكرية في الجزيرة العربية، وقد سيطر فيها على مدن العماليق وهي تيماء، خيبر، مدين، فدك، ديدان، يثرب.
زر الذهاب إلى الأعلى